الجمعة، 3 فبراير 2012

مسيو رائد وجامعة الامام

أنهى رائد دراسته بجد واجتهاد بعد خوضه معترك اختبارات الثانوية العامة،كان خلالها يحمل آماله،تطلعاته،طموحاته وأحلامه في أن يتخصص في مجال الأدب الانجليزي.التحق رائد بجامعة الامام وتخصص في كلية اللغات والترجمة.مرت الفصول الدراسية يقطع بعضها بعضًا كان خلالها رائد كالحمامة الطائرة بين صفحات الكتب الدراسية وكراريس المقررات الجامعية فكان شعلة في نشاطه و حماسه و توثبه و الذي توجه بتصدره لركب المتخرجين الأوائل في تلك الدفعة الدراسية،فحصل على الترتيب الأول بنسبة تراكمية تعدت حاجز4.25 من 5 كمعدل تراكمي دل على مدى التفوق والذكاء الدراسي الذي كان يتميز به وبفارق كبير عن أقرب الطلاب الذين نافسوه على الترتيب الأول في تلك الكلية.


حان يوم العُرس التخرجي لطلاب تلك الدفعة الدراسية،لبس رائد مشلح التخرج الثمين الذي رأى خلاله لمعان خيوط اجتهاداته الدراسية و بريق نسيج سنواته الجامعية.جلس رائد يلتقط مع أقرانه في الدفعة الدراسية الصور التذكارية في لحظة قطف ثمار التفوق الدراسي والحصول على وثيقة التخرج التي طُرز قماش ورقها بالكد والتعب كشاهد على تفوق وتقدم رائد الدراسي.


انفضت أسراب طُلاب ذلك العُرس التخرجي،فطار كل طالب باحثًا عن عُش آخر ليبدأ مسيرته العملية لمن قرر البحث عن العمل،والآخر لمن قرر اكمال رحلة دراساته العُليا.عامٌ كامل مضى كان كل يوم يأكل الآخر،وكل ليلة تشظي الأخرى،قضى رائد خلال كل يوم وليلة من ذلك العام لاهثًا وراء حلمه وهو اكمال دراساته العُليا في كلية اللغات والترجمة بجامعة الامام.خلال الحقبة التي قضاها رائد يصارع خلالها فراغ الوقت الحاصل الذي عاشه من جراء تخرجه وتأخر معانقة حلمه،قرر أن يُقدم أوراقه على عدد من الجهات والشركات ريثما تسير أمور انضمامه في جامعة الامام على خير ليكون طالب دراسات عُليا.


ذات يوم غرد هاتف رائد بالاتصال،لقد كان رقمًا غريبًا عليه فلم يعرف من كان صاحب ذلك الرقم!! أجاب رائد على الشخص المتصل،فرد المتصل قائلًا:أهلين مسيو رائد!!
رائد:وعليكم السلام،حياك الله أخي الكريم.
المتصل:معك...من مركز أ.ب.ت للعناية التجميليه،أنا اريت السيفيّه تبعك بموآآع....الخاص بالـسيفيّز للي بيبحسو عن شغل،احنا عنا وزايف كتير،فشفت انا انو الـENGLISHتبعك آر سو فلونسي((أي متمرس كثيرًا باللغة الانجليزية))فرح يناسب هالـPOSITION يلي رح نعرضو عليك.
رائد:وما هي الوظيفة التي ستعرضها علي أخي الكريم؟
المتصل:الPOSITION از مسؤول استقبال تبع المركز.
رائد:قد لا يتناسب العرض أخي الكريم مع صفاتي الشخصية،فأعتذر كثيرًا عن قبولها.
انتهت كلمات الاتصال بين رائد والمتصل وكان سبب اعتذار رائد عن الوظيفة المعروضة عليه من قبل ذلك المركز هو كونه شاب ملتزم وملتحي مما كان سيسبب تعارض مع متطلبات الوظيفة في ذلك المركز والتي لم يعرف صاحب الاتصال الوضع الخاص برائد من حيث المتطلبات الشكلية لمن سيشغل تلك الوظيفة،فاعتذر هو بدوره بأسلوب لبق.


في أحد الأيام تلقى رائد اتصالًا من جامعة الملك سعود لغرض ترتيب مقابلة وظيفية معه والتي كانت فرصة مواتية له لتحقيق حلم أن يكون معيدًا ومن ثم مواصلة دراساته العُليا حيث أن الوظيفة كان صُلب مسماها هو أستاذ جامعي.مضى رائد سائرًا نحو جامعة الملك سعود داعيًا الله أن تسير الأمور على خير وأن لا يصادفه موقف كالذي مر به في المرة السابقة.دخل رائد على لجنة المقابلات الوظيفية فقابل هناك الأشخاص المعنيين بإجراء المقابلة له،دار خلال المقابلة عدد من الأسئلة من قبلهم فسأل أحدهم رائد قائلًا:هل لديك الاستعداد بالموافقة لو تم ابتعاثك لأمريكا على سبيل المثال؟
فأجاب رائد بقوله:لو كان لدي خيارات أخرى غير الذهاب لأمريكا سوف أختار غيرها؟
فرد السائل بسؤال آخر:لماذا ستختار خيار آخر؟
أجاب رائد:ربما قد يسبب لي الذهاب لأمريكا حرجًا كون لديهم نظرة خاصة عن الأشخاص الملتحين خصوصًا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر،فلأجل ذلك لماذا أضع نفسي في حرج،وقد يكون لدي خيارات للابتعاث الدراسي في دول أخرى يكون فيها الوضع أخف من وضع الدراسة في أمريكا.
هنا تحدث أحد الأشخاص في اللجنة فوجه سؤالًا لرائد قال فيه:رائد هل تلقيت اشعارًا من من جامعة الامام بخصوص اكمال دراساتك العُليا لديهم أم ما يزال الوضع مُعلقًا؟
رائد:ما يزال الأمر قيد الاجراء.
فقعب سائل آخر بسؤال لرائد:هل تظن يا رائد أن كونك شاب ملتحي هو أحد الأسباب التي أخرت اجراءات أن تكون مُعيدًا في جامعة الامام؟
أجاب رائد:لا أستطيع الجزم بذلك ولا أحبذ الدخول في النوايا،ربما في كل تأخيرة خيرة.
هنا تحدث الشخص الذي التقى برائد قائلًا:حسنًا سوف ننتظر نتيجة المقابلة وسنرد عليك في حال استجد شيئٌا بخصوصها.


لفظ العام أنفاس شهوره الماضوية ليُعلن بعدها عن قدوم و ولادة عام جديد،تلقى رائد بعد انتظار سنة كاملة اتصالًا من جامعة الامام يخبرونه بقبول طلب انضامه لركب المعيدين في كلية اللغات والترجمة فكان العرض المقدم لرائد هو أن ينخرط في التدريس الجامعي على نظام العقود ومن ثم يُنظر لأمر ترسيمه فقبل رائد بالواقع الذي واجهه رغم أنه كان الأول على دفعته الدراسية مع مرتبة الشرف.


مضت ثلاث سنوات كان خلالها رائد يراسل عدد من الجامعات البريطانية لغرض السفر واكمال سنوات الابتعاث هناك.كان أحد الأسباب التي أخرت سفر رائد للدراسة في بريطانيا هي بعض التعقيدات والأسباب والبروتوكوليات في جامعة الامام لكون أغلب الطلاب يسافرون لأمريكا فلا تأخذ معاملاتهم وقت طويل.رائد كان يريد الذهاب لبريطانيا لأن طبيعة الدراسة هناك سوف لن تستنزف منه وقت ومدة طويلة لدراسة الماجستير التي تستهلك ما يقارب السنة ومن ثم الدكتوراه،ولرغبته الشخصية بالدراسة هناك والتي بحث واستشار وسأل كثيرًا عنها واطمئنت نفسه بعدها قبل اتخاذه لقرار السفر هناك.في النهاية تمكن رائد من تحقيق طموحه وأمله بعد طول انتظار فسافر لبريطانيا وها هو الآن يواصل الركض في مضمار الدراسات العُليا بعد سلسلة الصعاب التي واجهته في مشواره والتي تغلب عليها بقوة ارادته وعزيمته وايمانه بأن الله سبحانه وتعالى هو المقدر لكل وقائع ومصائر البشر والذي يعطيهم عز وجل في كل المحن التي يعايشونها ثمين وجميل المنح...................سعود المحمود