الأحد، 22 يناير 2012

حبات اللوز وأنغام فيروز

يبدأ فجر الصباح بالتنفس بعد سباته الشتوي وهواءه ينفث بالزفير العليل ليبعث بنسائمه الهادئة على ماحوله من موجودات،خيوط الشمس حانت وقت تشققها لتتسلل خيوطها من أحد ثقوب نافذة غرفتي والتي جلدتها بتجليدة سوداء لكن دوما تخترق بعض أجزاء أشعة الصباح جو ظلام الغرفة لتطرق رموش عيني فتقول:هيا لقد حان وقت الاستيقاظ من النوم.أهم بخلع ملابس خزانتي لألبسها وأقتفي بعدها أثر رائحة فنجان القهوة الساخنة فأتناولها بيدي متجها صوب سيارتي،هنا أجلس أتمعن منظر عائلة القطط فالوالدين وبجانبهم اثنين من الابناء فرغم أنهم ليسوا صغار لكن كانوا مصطفين حول بعضهم بدفء الاحتواء،بعد سويعات تأمل لذلك المشهد الذي وثقته بعدسة عيني ليلهمني رباطة جأش في مواجهة يوم سيكون حافل بالمواجهات ذهبت لركوب سيارتي،بدأت بالأنين لتشكو برودة مفاصلها ريثما تشعر باسترجاع حرارة جسمها بعد ليلة باردة في ظل طقس مدينة الرياض،لحظات وعادت الدورة الدموية تدب في شرايينها لتعود حركة وقودها،هيا الآن سننطلق ويبدأ يوم عمل جديد.

وصلت لمقر عملي في شركة التأمين التي أعمل بها،ركنت السيارة في طرف الشارع،خطوات قدمي تسير نحو قطع الطريق،أثناء قطعه أرى وجوه السائقين هائمة،شخص لم يتطاير النعاس من جفونه بعد وآخر مازال يترنح من آثار استفاقته من غيبوبة النوم وثاني نظراته مبعثرة بين السيارات الأخرى،هنا وصلت لمصعد الصعود وأثناء انتظاري لنزوله كأني أسمع همس أحاديث الصاعدين والنازلين تتنقل عبر فتحات الهواء المركزي،وصل المصعد أخيرًا فدخلت على الفور صاعدًا للمكتب.

بعد القائي للسلام وتحية الصباح عادت أصدائها لمسامعي لكني أضعتها وسط ظلام المكتب،أووه نسيت لم يأتي أحد بعد،أشعلت نور المكتب وتوجهت صوب مكتبي،وضعت مفاتيحي ومحفظتي داخل فم الأدراج ثم أغلقتها،سمعت صوتها وهي تشرق أثناء التهامها لهم.أخرجت أوراق معاملات يوم الأمس لوضعها على عجين اليوم لبدأ طبخ فطيرة معاملات جديدة،أثناء الانتظار بدأت أسمع حسيس حركة أرضية المكتب،كان هناك قرع خطوات تمشي!! فجأة رأيته!! انه نعيم صديقنا في العمل،خمسيني العمر من بلاد السودان كان ضابطًا قديم في الجيش السوداني وبعد تقاعده المبكر انخرط في العمل في مجال التأمين وعاش بدايات نشأة الشركة،كان يسير بهدوء نحو مكتبه حاملًا معه علامات التعجب والاستفهام فوق رأسه ومدى البعثرة والضياع الذي يعيشه ويواجهه مع كثير من اقسام الشركة مما يسبب له الاحراج مع عملائه وتواصلهم معهم،فجلس على كرسيه وهم بامساك سماعة الهاتف ليطلب فنجان قهوة من العامل،ما أن هم نعيم بالضغط على رقم تحويلة العامل حتى سبقه بالحضور لمكتبه حاملًا معه صينية المشروبات ليعطيه فنجان شاي!! فقال نعيم له:أنا أريد قهوة ولم أطلب منك شاي فلماذا تحضره لي؟
فيجيبه العامل:لا مشكلة اشرب الشاي وسوف آتي لك بفنجان القهوة بعد أن أنتهي من غسل الفناجين!! هيا خذه بسرعة ولا تعطلني،حسنا هاهو على مكتبك!!
هنا جلس نعيم ينظر للموقف بدهشة!! فقال لي:ما رأيك يا سعود بما فعله العامل معي؟
فقلت له:هون عليك يا نعيم فتصرف العامل لو أمعنت قليلًا ستجد أنه امتداد لحال الفوضى واللامبالاة وعدم الاكتراث من قبل المدراء الكبار للموظفين الصغار والسماع لاحتياجاتهم،فذلك يمتد لمحيط العمل فيتأثر من يتأثر سلبًا أم ايجابًا حسب كل شخص.
نعيم:لا حول ولا قوة الا بالله على هذا الحال المزري الذي تتخبط فيه الشركة،حسنًا يا سعود سأستأذنك بالذهاب لدورة المياه ونعود لمواصلة حديثنا.
سعود:لا حاجة للاستئذان ياصديقي لكنك ستضطر للانتظار قليلًا!
نعيم:لماذا سأنتظر؟
سعود:لأن دورة المياه خارج نطاق التغطية في الوقت الحالي،فموظف الادارة الأخرى قد دخل لها قبل مجيئك وأظنه قد نام فيها!
نعيم:لاحول ولاقوة الا بالله،أليس لديهم دورة مياه تخصهم فلماذا دومًا يأتون للتي لدينا.
سعود:ألم أقل لك يا نعيم أنه الأمر امتداد لحالة الفوضى العامة في الشركة،فانظر لدورة المياه الخاصة بادارتنا يوجد بها حمام خاص بمدراء ادارتنا ومفاتيحهم معهم فلا يدخلها أحد سواهم وهذا شكل من أشكال السلوك الفوقي والاستعلائي نجده نحن الموظفين وينعكس سلبًا على شخصياتنا وعلى سيرورة أداء الشركة وانظر لصوت خطوات أقدامنا يا نعيم تجده تمشي على بلاط ثم ندخل لمكاتب المدراء فيتغير صوتها فجأة فهي هنا تمشي على سجاد أو رخام فاخر وهذا مثال آخر على السلوك الذي ذكرته لك وينعكس سلبيًا في أداء العاملين.
نعيم:لاحول ولاقوة الا بالله،بالفعل هذا هو الحال.
سعود:حسنًا يا نعيم لندع هذا الأمر جانبًا للحظات ودعنا نأكل فلدي حبات لذيذة من اللوز،هل تريد واحدة؟
نعيم:فلترمي لي يا سعود ببعضها دعني أقضم فيها حال هذه الشركة المتدحرج.
عندما هممت برميها نحو نعيم فجأة اختفت حبات اللوز وذابت في أنغام صوت فيروز الصادر من هاتف رامي القادم نحو مكتبه،لكن تلقى اتصال من عميل يشكو فيها الأخطاء الواردة في كشف الحساب الموجه له،فأجاب رامي العميل ببرود طبيعي لأنه اعتاد على سماع ردودهم المستاءة،أنهى رامي محادثته للعميل وهم لجلب بعضًا من القهوة،فسألنا هل تريدون قهوة؟
فأجبته:سوف أرافقك يا رامي.

كان رامي يعمل سابقًا في بدايات عمر الشركة في تأسيس كثير من مهام الشركة لكن تم تجاهله ولم يتم تقدير خبرته أسوة بنعيم،رامي من بلاد لبنان في خمسينيات العمر،قضى حياته متنقلًا بين كثير من الوظائف حتى استقر حاله في هذه الشركة.
جلبنا القهوة وبدأ الحوار بالحراك مع تحريك مكعبات السكر الذائبة في مزيج القهوة.فبدأ نعيم بالتضجر قائلًا:إلى متى سيستمر حال الشركة ضائعًا هكذا فاذا لا يريد أصحاب الشركة تقدير جهودنا فأقل المُرين أن ينتبهوا لأداء الشركة ويلتفتوا لخسائرها؟
أجبت بدوري:لا تقلق يانعيم فأصحاب الشركة ستجد لديهم غير هذه الشركة مجاميع متجمعة من الشركات فتجد التصرف في أيدي المدراء الذي كل واحد منهم يتملص من المسؤولية ويتقاضى راتبًا عاليًا دون أن يترك أثر بليغ في انتاجية الشركة.
فعقب رامي:كله ماشي..كله ماشي.
نعيم:لاحول ولاقوة الا بالله.
فتحدث رامي قائلًا:أنا كان لدي عميل أردت أن يحظى بعرض تأمين مغري يواكب سمعته لكن مسؤولي التسعير رفضوا مجرد التعامل معه والنقاش في هذا الأمر دون الرجوع للجهات المهنية في هذا الشأن.
سعود:هذا يبرهن يارامي بالازدواجية وعدم المركزية الموجودة في الشركة.
نعيم:لاحول ولاقوة الا بالله،وأنا أتذكر أني تسلمت فواتير سداد لصالح الشركة ولدى ذهابي للعميل لأسلمها له ليسددها فإذا بي أتفاجأ بقول العميل لي أنه سددها وسلمني ايصال تثبت سداده،فاكتشفت حجم التلاعب في فواتير السداد.
سعود:هههه.
رامي:كله ماشي..كله ماشي.
سعود:هل تعلمون يانعيم ويارامي ماهي أهم مشكلة ضمن سلسلة المشاكل التي سببت بخسائر الشركة؟
نعيم ورامي:ماهي المشكلة؟
سعود:المشاكل عديدة كالتباعد الحاصل بين المدراء والموظفين،الفوقية والاستعلاء ولو على شاكلة سلوك أو قول،والأهم منها هو أنك تجد الشركة تمنح خدمات التأمين على السيارات والصحة والبضائع لكنها نست أهم أنواع التأمين ألا وهو التأمين على عقل وفكر الموظفين المجتهدين المبدعين والذين يعتبرون أداة التقدم لأي منشأة ودونهم تنهار الشركة فلا تنتج ولا تتقدم.
نعيم:لاحول ولا قوة الا بالله.
رامي:كله ماشي..كله ماشي..!

الخميس، 5 يناير 2012

موعد مجهول مع امرأة

ذات يوم رن هاتفي فإذا بذلك الرقم الغريب!!لم أكن أعرفه مطلقا،فتجاهلت ذلك الإتصال ومضت الأيام وكان يعاود صاحب ذلك الرقم الإتصال بي مجددا بين فترة وأخرى فلم أكن لأجيبه لعدم معرفتي بصاحب ذلك الرقم الغريب...وفي أحد المرات وصلتني رسالة على هاتفي،هممت بفتحها أوووه إنها من نفس صاحب ذلك الرقم الذي كان يتصل بي مرارا،فكان فحوى تلك الرسالة:حبيبي العزيز والغالي على نفسي لماذا تجاهلت إتصالاتي ولم ترد علي...أنت كنت وما زلت وستبقى حبي وعشقي الوحيد،كم أود رؤيتك ذات يوم وأن نتعشى سويا في أي يوم ووقت تراه!! أرجو منك الإتصال سريعا لدى قراءتك لرسالتي كم أنا مشتاقة لسماع صوتك العذب،هنا تغيرت ملامح وقسمات وجهي،وتبعثرت الأحرف والكلمات عن لساني،وزادت نبضات قلبي وخفقاته،فلم أكن لأتمالك نفسي أمام سيل كلمات الحب والتعبير الشاعري من صاحبة ذلك الرقم،أمممم هنا توقفت كثيرا أمام تلك الرسالة وأمام مطلب صاحبة ذلك الرقم فقلت في نفسي:سأتصل بها لكني ترددت فتارة أعزم على الإتصال وتارة أتردد،هنا وفي لحظة مفاجئة إتصلت تلك المرأة بي،هنا تلاطمت بي الأمواج وحذفت بي يمنة وشمال،وزادت نبضات قلبي وإحمر خداي،وعرق جبيني،وإرتجفت يداي فلم أقوى على المواجهة خصوصا بعد تلك الرسالة التي تفجرت منها كلمات الحب والود الذي يسيل له اللعاب فكيف لو كان بيني وبينها مجرد باب هنا تشجعت وأجبت عليها فكلمتني وقالت لي: كيف حالك يا حبيبي...يا أيها الغالي...فعمري كله فداك!!
أصابني الدوار من تلك الكلمات والمكالمة بعدُ لم تنتهي،فأنا لم أعرف أجاريها في الكلام المعسول وكتابة الفصول فضلا عن أني لم أعرف شخصيتها حتى الآن،وبعد إنتهاء السيل الجارف من كلامها الدافئ،قلت لها من أنت يا سيدتي العزيزة،فردت علي بكلمة:آآآه منك يا حبيبي فما أجلمها من كلمة فلم يسبق لرجل أن قال لي هذه الكلمة التي تعبر عن الكثير من المعاني الجميلة فكم جميل أن تكون المرأة-سيدة-هنا بادرتني بالحديث بقولها:سأعتذر منك يا حبيبي ولن أفصح عن إسمي لغاية في نفس يعقوب لأني سوف أقابلك كما عرضت عليك على العشاء وعلى حسابي أيضا لأنك حبيبي الذي لطالما أحببته لكنك للأسف كنت تجري خلف الآخرين متجاهلا وجودي فأنا أعرفك ولكنك ربما لم تعرفني جيدا...أو ربما لم يكن فيني شيء يجذبني نحوك...أو ربما أنك لم تلاحظ وجودي...أو ربما تجاهلتني لأنك لم تجد فيني ما يعجبك.كلام حب عذب ومحبة متدفقة!!وعشاء من شخص مجهول!!ووصف يأتيني منها بأني الحبيب المأمول!!وفوق كل ذلك الحساب سيكون عليها!! مهلا مهلا صوتك ليس بغريب عني يا سيدتي فقد سبق لي سماعه لكن للأسف حاولت أن أستجمع قدرتي العقلية على التذكر لكني نسيت أين ومتى سمعت ذلك الصوت،هنا بادرتني بالقول: لا تستعجل فموعدنا غدا ليلا في ذلك المطعم،وأنهت تلك المكالمة على الفور...هنا جن جنوني وإتصلت بها فورا لكنها لم تجبني،وأخذت بالإتصال مرة تلو المرة فلم تجب،آآآآه إنها تسببت في نار أوقدتها في صدري فلم أرى نفسي إلا وأنا أناظر إلى الساعة أوووووه باقي الكثير والكثير جدا من الوقت حتى يحين موعد ذلك العشاء،لم أستطع الإنتظار فنار الشوق أحرقتني تماما وفوق ذلك كله هي لم ترد على إتصالاتي،كم هي ذكية فهي علقتني بصوتها وعذب كلماتها،لكن كانت نبرة صوتها كفيلة بجعلي أطير في الأحلام وتتمزق نفسي من جميل الكلام.


صباح اليوم التالي،لم أنم وقتها،فكيف لي أن أنام بعد تلك الليلة التي قضيتها متنقلا بين عبارات تلك المرأة التي أسرت قلبي وعقلي بصوتها وكلامها الممجوج رونقا وأناقة والأشد من ذلك أنها تعرفني وتحبني..فقلت في نفسي هل كان حب من طرف واحد...فمعناه أن ذلك الحبيب عاش وسط نيران ذلك الحب والأشد والأمر منه حينما لا يعلم الطرف الآخر عن أن شخصا ما أحبه ذلك الحب العظيم والصادق والمخلص والحميم...فكان الطرف الوحيد في تلك المحبة أراد أن يمارس دور التضحية في سبيل رؤية حبيبه مرتاحا حيث الطريق الذي أختاره بعيدا عنه.إتصلت بها من جديد لكنها أعطتني نغمة الشخص المشغول عن الرد!!فعاودت الإتصال بها مجددا مرة تلو المرة ونفس الأمر تكرر،ثم ردت علي برسالة نصية تقول فيها:حبيبي أنا مشغولة الآن فلنجعل موعدنا بعد ثلاثة أيام من الآن!! ماذا ثلاثة أيام سوف أموت شوقا...وأنفجر قهرا...فلقد تعلقت بها تعلقا شديدا...لكني سأنتظر ثلاثة أيام...حاولت تذكر صوتها ربما تعرفت عليها في مكان ما!! أو التقيت بها في طريقا ما!!أو شاهدتها في مناسبة ما....لكن عبثا لم أستطع تذكر صاحبة ذلك الصوت فإستغرقت بالتفكير كأن عقلي عجز في الوصول لمعرفة من هي تلك المرأة،كأنها تريد أن تزيد من شوقي لمعرفة من تكون فهي تلاعبت بقلبي وسرقت تفكيري واهتمامي وشغلت وقتي وجعلتني أقذف ما دونها وراء ظهري وبعد مرور ثلاثة أيام من الإنتظار،وأثناء نومي رن منبه هاتفي!!إنها رسالة نصية جديدة؟؟ كانت الرسالة من تلك المرأة،أرسلت لي تلك الرسالة تخبرني بمكان اللقاء فحددت لي أحد المطاعم الفاخرة في مدينة الرياض وأعطتني إسم ذلك المطعم،أووووه إنه مطعم فاخرا جدا هههه ضحكت على نفسي،حمدا لله أن الحساب سيكون عليها وليس علي.


في صباح اليوم التالي عدت لتلك الرسالة لأقرأها بتمعن،حسنا لماذا لم تتصل بي ولم تجب على إتصالاتي المتكررة والفائتة،هل أرادت أن تنتقم مني لأني حسب وصفها أني كنت أشعرها أنها غير موجودة في حياتي؟ أو أني كنت أتجاهلها فأرادت أن تتجاهلني الآن؟ أم أنها أرادت أن تعلقني من قلبي كي أتعلق بها من خلال سيناريو التعارف الأولي وحتى هذه اللحظة؟ كثيرة هي تلك الأسئلة لكن ما زاد من حيرتي حتى إسمها لم تفصح عنه،فهي متأكدة أنه بمجرد إخبارها لي عن إسمها فسوف أعرفها،لكني مدين لها بالإعتراف بالذكاء الخارق لها فهي كانت تخبرني أني أعرف صوتها لكني لن أعرف إسمها!لكنها في النهاية تفاصيل رسمتها تلك المرأة الذكية بأسلوبها فهي أرادت أن تعرفني بمعنى كلمة التجاهل والإهتمام،فعرفتها بعد تعلقي بها،وهي كانت تعاني من ذلك التجاهل الذي بدر مني تجاهها حينما كانت تمارس الحب مع شخصي من خلال تعلقها بي،فأرادت تلك المرأة أن أمارس ذلك التعلق بها من خلال تعليق قلبي بها وأنا أشهد بكل جوارحي أنها نجحت في الوصول لمرادها.


حان وقت اللقاء وليلة الالتقاء على موعد العشاء،لبست أجمل ثيابي،وحرصت أن أكون في أجمل حلة،وأبهى منظر،فهذا لقاء تلك الحبيبة القديمة أو الجديدة !!التي أسرتني بصوتها الجميل الذي تناغم معه تلابيب عقلي،فجلعت من نفسي أضطر لرسم ملامح شكلها وكيف يبدو شكلها؟ وكيف تغدو ملامحها؟ هل هي شقراء الشعر؟ هل هي بيضاء البشرة؟ هل هي زرقاء العينين؟ هل هي تملك ذلك الشعر الغجري الجميل الذي تتطاير أطراف مع هبات الرياح فينثر بريق لمعانه على تلك العيون؟ هل تملك تلك النظرات التي تسقط تلك الصقور حينما تراها؟ هل...وهل...وهل،كثيرة هي تلك الأسئلة والتخيلات التصويرية التي جعلتني تلك المرأة أصورها في نفسي عن شكلها وكيف يكون وجهها؟ فطريقتها معي منذ البداية كانت تريدها هي في نفسها أن تكون طريقة اللقاء بهذا الشكل فلا شاردة ولا واردة ستغيب عن مسرح ذلك اللقاء وسأعرف شكلها وسأراها على الطبيعة وسأعرف شكل تلك المرأة وكل التفاصيل بعد عجزي عن تذكر شكلها من خلال صوتها الذي ما أزال مصرا على أني قد سمعته.

في تلك الليلة حرصت قبل موعد اللقاء أن أشتري لها هدية كعربون تعارف وبداية جميلة ودافئة لتلك العلاقة الجميلة وذلك الحب الوفي والمخلص من طرفها لي على مدى سنوات معرفتها بي،فذهبت لمحل المجوهرات وإخترت لها تلك القطعة الجميلة التي رسمت شكلها وهي تحيط برقبتها وتزدان تلك القطعة بتلك الرقبة.أنهيت شراء تلك الهدية لها وركبت سيارتي على الفور كي أكون على الموعد،وصلت لذلك المطعم القابع على أحد أفخر شوارع مدينة الرياض،إنه شارع التحلية ذلك الشارع الخلاب في نظري،مهلا لقد تذكرت للتو إسم ذلك المطعم الذي كان في رسالتها التي أرسلتها لي!! عجبا لأمر تلك المرأة،هل جاء إختيار ذلك المطعم بمحض الصدفة فهذا المطعم هو المحبب لي والذي دوما أقصده فهو يضم مقهى في نفس الوقت فكنت دوما أرتاده فأحتسي فيه شتى أنواع القهوة المحببة لي!! مهلا،إنك أمام إمرأة أحبتك حبا جنونيا،فهي تعرف حتى المكان الذي تحب أن تذهب إليه،يا رباه كم هي جميلة تلك الحبيبة،لكن هل لك يا عقلي المتعب أن تتذكر صاحبة ذلك الصوت،فصوتها ما زال يدغدغ خلايا عقلي وشغاف قلبي فيخبرني أنك تعرف تلك المرأة لكني أحاول جاهدا تذكر من هي؟ ومن تكون؟ لا مشكلة لم يتبقى سواء القليل،ذهبت لتلك الطاولة أنتظر موعد قدومها،لحظات قليلة فقط ورن هاتفي...إنها هي!! فأجبت مسرعا أين أنتي فأنا متلهف وأنتظرك،فردت علي بنبرات الضحك هههه،أين كانت تلك اللهفة عندما كنت أجري وراءك في كل مكان كالمجنون الذي يسير دون أن يعرف أن يذهب وكالصابرة التي كانت تحلم أن تحظى بشيء من قلبك،لا تخف سآتي في الحال إني في الطريق فهدأ من روعك يا حبيبي!! أوووه حبيبي لقد أصابتني تلك الكلمة بالدوار فلم أعد أمتلك نفسي فقلت لها حسنا دعي الخط مفتوح ولا تغلقي الهاتف حتى تأتي عندي،فضحكت ههههه ألا تمتلك قليلا من الصبر يا حبيبي،دقائق معدودة وسآتي إليك.أقفلت الهاتف وماهي إلا دقائق بسيطة وجاءت عند مدخل ذلك المطعم وإتصلت بي تخبرني:أنت الذي تجلس على تلك الطاولة! ما أن رأيتها من بعيد حتى كاد قلبي أن يطير نحوها،جاءت وجلست بجواري وقبل جلوسها صافحت يدي يدها،يا الله يا الله كم هي جميلة تلك اليد ودافئة بل وناعمة في نفس الوقت فقالت لي: إجلس..إجلس ماذا دهاك وكانت تضحك وقتها،ما أجمل ضحكتها،تأملت عيناها من ذلك النقاب الذي كانت ترتديه،كانت عيونها أجمل عيون الدنيا قاطبة وأجمل عيون رأيتها في حياتي،هنا قدمت لها تلك الهدية وذلك العقد فقالت لي: أين كان ذلك العقد الذي كنت أنتظره في سالف الوقت الذي كنت أحلم أن لا يهديني إياه أحد سواك وأن يكون بمثابة العقد الذي يجمعني بك؟ قلت في نفسي سامحيني يا حبيبتي فلقد كنت مغفلا فأنا لم أعرف حقيقة حبك لي!! حبيبتي حبيبتي،،ما أجمل هذه الكلمة منك حينما أسمعها،هنا مدت يدها نحو يدي وأمسكتها بكل حنان ورقة،تقاطر العرق من جبيني،وهنا طلبت منها أن تريني وجهها،فقالت لي ألم تعرفني بعد،فقلت لها صوتك ما زال أكبر لغز في وقتي الراهن فهو العائق نحو معرفتي من تكونين فأحاول تذكر وجهك من خلال صوتك الذي أتذكره لكني لم أستطع معرفة من تكونين هنا فقط أشاحت ذلك النقاب ونزعت ذلك الستار عن وجهها فكانت المفاجأة التي لم أتخيل أني كنت أحد أطرافها في يوم من الايام!!لم تكن المفاجأة في شكلها فلقد بهرتني بجمالها فهي أجمل ما خلق ربي من نساء الدنيا جمعاء لكن المفاجأة أن تلك المرأة كانت هي- أمــــــــــي- نعم كانت أمــــــــــي التي أحتضنتني ورافقتني في جميع مراحل العمر...شاركتها الطعام والماء والهواء...ورافقتها في جميع الأهواء والأدواء...هي أجمل إمرأة في نظر أي طفل ورجل...هي كل شيء لأي شيء...قبلت يدها وإحتضنتها كما كانت تحتضنني في مرضي وتعبي...وقلت لها عفوا لن يدفع أحد سواي حساب ذلك العشاء...الآن عرفتك يا أماه من صوتك العذب ونسيت صورة ملامحك التي غبيتني عنها شوارع الحياة والمشاغل وكل شيء حقير دونك فليس ثمة شخص أحق بإهتمامي بك........سعود المحمود