السبت، 25 يونيو 2011

ورقة التذكير


كنت بالأمس متجها بسيارتي عائداً نحو البيت وفي طريقي عودتي قصدت محل التموينات لغرض شراء بعض الأغراض..فجأة!! وقبل نزولي من السيارة سقطت عيناي على ذلك الرجل الذي كان يجلس عند المحل تأملت وجه الرجل جيدا وعدت إلى الوراء سنوات عديدة جدا جدا أووووه تذكرت من هو ذلك الرجل؟ إنه الصديق الحميم لوالدي رحمه الله، بالفعل مضى وقت طويل منذ أن رأيته لآخر مرة..وكانت آخر مرة رأيته فيها عندما كان يزور والدي في مرضه،وكان كذلك يزور والدي بعد صلاة كل جمعة لدينا في البيت كما هي عادته حيث كانا يجتمعان نهاية كل أسبوع،حيث كان يجتمع شمل الأصحاب ويتم تبادل الأخبار والمشاعر الأخوية الصادقة فيما بينهم،كنت أتذكر مدى علاقة الصداقة الجميلة التي جمعتهما سوياً ومع بقية الأصحاب.هنا قمت بوضع إصبعي على شريط تلك الأحداث وأوقفتها،هممت بالنزول من سيارتي متجها نحوه وعندما اقتربت منه مددت يدي للسلام عليه وسألته:كيف حالك ياعم وحال صحتك وماهي أخبارك؟
هنا رفع وجهه تجاهي ورأيت آثار الزمان والكبر التي تركت تلك العلامات على وجهه الطيب،فقال لي: أنا بخير يابني،لكني لم أعرفك فمن أنت؟ لم استغرب أبداً اجابته لي لأني كنت أعرف أنه لم يعد كالسابق بقوته العقلية وحضوره الذهني فلقد تقدم في العمر وأصبح قليلاً ما تسعفه الذاكرة في تذكر الأشياء إلا ما ندر،فأخبرته بإسمي أني فلان ابن فلان،فصمت قليلاً فقال لي:نعم تذكرتك،كيف حالك وكيف حال أبيك! هنا بادرته بالإجابة قائلا: والدي يطلبك الحل والرحمة فهو تُوفي منذ زمن يا عم،فرد علي قائلاً:أوه نعم نعم تذكرت أنه توفي رحمه الله وغفر له أعتذر منك يا ولدي فأنا لم أعد أتذكر جيدا وأصبح ذاكرتي ضعيفة.جلس يذكر لي مواقف الصداقة الجميلة والعلاقة الأخوية التي ربطت بينهما فذهب يقول كنا نجتمع عند أبواب تلك المدرسة فنأتي لذلك المحل ونشتري منه وكنا نجتمع في ذلك الملعب ونلعب سويا وكنا نمشي في ذلك الشارع وتلك الحواري و و و و....بعدها استأذنت منه أن أنصرف فألح علي بزيارته ووعدته أن أزوره بكل تأكيد.بعد أن قضيت شراء حاجياتي من ذلك المحل،مشيت متجها نحو سيارتي وبعد أن هممت بالركوب توقفت للحظة موجها نظري نحو صديق والدي جلست أتأمل وجهه وملامحه وأمعنت جدا في نظري لها،جلست أستحضر ما قاله من كلام ووصف وحديث عن تلك العلاقة التي جمعته مع والدي،كم هو جميل الوفاء والإخلاص لذكرى من عشنا معهم عمراً لا يمكن تجاهله وقضينا معهم مشاعر..مواقف..أحداث لا يمكن نسيانها.كل ذلك تذكرته من خلال حديث ذلك الرجل الذي عبر عن وفائه واخلاصه لصداقته مع والدي بتذكره لجميع مراحل تلك الصداقة الصادقة بكل معانيها حتى وإن غاب ذلك الصديق فإنه من الجمالية والروعة أنك ما تزال تذكر ذلك الصديق رغم موته وغيابه عن هذه الحياة،يا أيها الصديق الوفي كم من الرائع أنه ما زال يعيش ذلك الرجل في كنف ذاكرتك ونفسك ولم تغب ذكراه عنك،هنا أخرجت ورقة كانت في سيارتي وكتبت فيها أن لا أنسى أن اكتب عن هذا الموقف الذي مر بي في هذا اليوم ووضعتها كورقة تذكير على مقود سيارتي كي أتذكر كتابة هذا الموضوع فإذا بي أعود للبيت وأفتح جهاز الحاسب وأكتب الموضوع دون أن أتذكر ورقة التذكير التي كتبتها فجاء التذكير من جمالية ونُبل ذلك الموقف الذي مررت به مع صديق والدي


مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله:يارسول الله لقد مات والداي فهل بقي لهم حق علي بعد موتهما أبرهما به؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:نعم بقي الترحم عليهما،والصدقة عنهما،والإستغفار لهما،وإنفاذ عهدهما من بعدهما،وإكرام صديقهما


وذات مرة جاء عبدالله ابن عمر رضي الله عنه على بادية قوم فتوقف عندهم فرأى رجلاً من وكان من علية وكبار أولئك القوم فنزل ذلك الرجل من راحلته وقام بإركاب رجل عجوز بدل منه وكان رجل يبدو عليه الفقر وأنه شخص وضيع فتعجب عبدالله ابن عمر من فعل ذلك الرجل! فذهب له وقال: ما الذي دفعك لفعل ذلك الأمر وأن تقوم بإركاب الرجل الوضيع على راحلتك؟ فقال الرجل لعبدالله بن عمر رضي الله عنه:إن ذلك الرجل كان صاحب أبي وأردت أن أبر بصاحبي أبي فلقد سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:إن من أبر البر صلة الرجل أهل ود أبيه. والمقصود بود أبيه هم أصحاب الأبوين


سعود المحمود

انتظار في محطة القطار


المشهد الأول

كنت جالسا في المحطة أنتظر موعد انطلاق رحلة القطار،انتظار ممل..وجوه تأتي وأخرى تذهب في لحظة جلست أتأمل وجوه الركاب المسافرين الذين نتظرون حلول موعد الإقلاع فجأة!! نظرت لذلك الرجل العجوز الذي يمسك بالجريدة بشكل مريب..قلق..خوف..ارتباك بدا على محياه بشكل لفت انتباهي
...تثاقلت خطواتي كي أسير نحوه فمضيت أسير حتى وصلت عنده حتى أني ظننت أنه سينفجر أمامي! هنا توقفت وقلت ما خبطك؟ ماذا دهاك؟ لماذا أنت قلق وتمسك بالجريدة بهذا الشكل اللافت للنظر. قال لي: هناك خبر في الجريدة أن طائرة أحد رحلات الخطوط الجوية المغادرة قد سقطت وأخي هو أحد الذين سيسافرون على متنها.هنا عرفت سر ذلك القلق الذي كان باديا على وجه الرجل العجوز،هنا أخذ الرجل هاتفه واتصل فورا على أخيه ولم يجب،كرر الإتصال مرة وثانية وثالثة....لكن لم يجب على هاتفه،هنا توقف الرجل العجوز قائلا:لقد مات أخي! قلت في نفسي ما الذي دعاه لقول ذلك وهو لم يتأكد؟ قد يكون أخوه لم يغادرعلى متن تلك الرحلة؟ وقد يكون أخوه قد مرض؟ أو تعب؟ أو أضاع هاتفه فلم يستطع بالتالي الرد عليه؟
فجأة! رن هاتف الرجل العجوز كأنه بركان قد ثار في ظل صمتي وصمت الرجل العجوز! من من..إنه أخوه فإستل الرجل العجوز هاتفه بسرعة وأجاب أخي أخي هل أنت حي! ماذا ماذا تقول أنا بخير وكنت نائما..حمدا لله ظننت أنك مت على متن الطائرة،فرد الأخ أي طائرة تقصد فأنا لست مسافر على متن الطائرة التي تقصدها فرحلتي تختلف عن التي تقصدها


المشهد الثاني

رأيت تلك المرأة وإبنها قد ملئ صالة الإنتظار بالضجيج والضوضاء،أخرجت سماعة أذني كي أضعها في أذني بقصد الإبتعاد عن صوت ذلك الطفل المزعج،هنا وجدت صوت الطفل يخرج من السماعة،اذن لا فائدة فصوته قد ملئ صداه أرجاء صالة الإنتظار حتى أذني،ذهبت نحو تلك المرأة وإبنها،وجدت الإبن يصرخ ويبكي فسألت أمه،ماسبب بكاء ابنك؟ قالت لي لا أدري فهو يشكو من ألم وأعطيته الدواء لكنه مازال يبكي،فإلتفت صوب الطفل فوجدت أنه بدى كأنه لا يشكو شيئا،اقتربت نحوه قليلا فجعلت يدي على جبينه فهدأ وسكن كأن ليس به شيئ..قلت لأمه ضميه إليك فما لبثت أن ضمته حتى سكت وهدأ


المشهد الثالث

رأيت رجلين يتشاجران وقد علا صوتهم على بعضهم البعض،ذهبت إليهم فقلت:ما خطبكما أيها الرجلين؟ قالا لي هو أخذها مني...لا أنا من وجدتها أولا...لا هي لي وليست له،فلم أعرف ما كانوا يقصدون.فطلبا مني أن اعطيهم رأي في شجارهما،فطلبت منهم أن يتكلم كل شخص لوحده حتى أفهم مشكلتهم فقال الأول أنا وجدت قطعة كعك على الأرض وحلف لي أنه هو من وجدها،وقال لي الآخر نفس الكلام الذي قاله لي صاحبه،هنا أخذت قطعة الكعك وقسمتها بينهما وانتهى الخلاف بالتراضي بينهما



فجأة! دق ذلك الجرس ايذانا بموعد اقلاع القطار...أوه لقد فاتني الموعد..جلست أجري وأجري بسرعة ذلك القطار كي أدركه..وفجأة! سمعت صوت جرس واصطدمت بذلك الجدار

إنه صوت منبه الساعة! كان حلما..كان حلما..كان حلما









المشهد الأول:لا تطلق لنفسك العنان في اساءة الظن بالآخرين أو بالأحداث التي حولك دون الركون إلى معلومات أكيدة تعطيك التصور الصحيح لما تفكر به،فحسن الظن مقدم دوما على توقع الأمور بالسلبية التي نفكر بها


المشهد الثاني:عامل من هم حولك بالتعامل المشاعري الإنساني..قد تظن أن فلان يجب التعامل معه تعامل موضوعي أو تعامل تقليدي..ويفوتك أن الحل يكمن في الجانب الإنساني والشعوري به فلا تتعرف على أنه هو حل مشكلة بسيطة زادت بزيادة جلهنا بطريقة تعاملنا معها


المشهد الثالث:إذا طلب منك المشورة والرأي في خلاف بين اثنين وتجهل تمام الجهل من هو صاحب الحق في ذلك الخلاف وتصل لدرجة عدم القدرة على الوصول لنتيجة ايجابية..فإنتهج المنهج الوسط لإرضاء كلا الطرفين حتى لا تخسر أحدهم على حساب الآخر


سعود المحمود

الأربعاء، 22 يونيو 2011

القلم

القــــــلم

هي تلك الاداة الصامتة..كصمت القبور
لا تتلكم بل انت من يحركها..فاذا تكلمت اطلقت العنان لحنجرتها القوية
فيها تكمن الحقائق..المشاعر..الاحاسيس..العواطف
تختبئ في ثناياها كثير من الاحداث التي لا يسطرها سوى القلم

هي تلك الاداة التي تتكلم في زمن الصمت..تصدق في وقت الكذب
تتأجج..تغضب..تثور..في احيان قليلة..وكثيرة ايضا

فيها تختزل جميع الامور..وتتشعب جميع الخطوب..وتتفرع جميع الاصول
هي هم و حزن كبير..وسعادة وفرح عظيم..يترافق صاحبها اينما حل وارتحل
يحمل همها ويشقى لأمرها..وهي تعبر عن حاله..وتحكي عن ألمه

هي ترسم لوحة واضحة المعالم..حينما يعجز اللسان عن الحديث
يأتي القلم..فيشكل..يلون..يحدد..يوضح..يرسم معالم تلك اللوحة
لكن هل هي لوحة صادقة أم كاذبة؟؟
فهذا يرجع على جودة حبر ذلك القلم..هل هو حبر من نوعية اصلية ام مزيفة؟

جاء في الاثر"يأتي زمان على الناس يكون فيه اثر الكلمة كحد السيف" اذن القلم يرسم تلك الكلمة فهو وسيلة راقية..جميلة للتعبير عما في يدور في خلجات النفس..والأمة..والمجتمع

هو كأثر الرصاصة..لكنها رصاصة لا تقتل القلب..والنفس
بل تعيد الحياة لهذا القلب..وتلك النفس التي كانت مغيبة عن الحياة

الحياة قلم..والقلم حياة

دلــة وفنجــال وتمر

قبل حياكتي لحروف ونقاط هذه القصة..كان هناك شاب هو صاحب هذه القصة التي سأمضي لصياغة معالمها في قادم السطور. كان ذلك الشاب يعيش في حي كان يمتاز بالتماسك الاجتماعي بين محيط الجيران الذين يسكنون ذلك الحي..كانت البداية عند دخول ذلك الشاب لمسجد الحي لأداء الصلاة..صادف اثناء دخوله ذلك الشيخ العجوز المقعد على عربة تسير به..بعد فراغ من صلاة ذلك اليوم رأى ذلك البائع الذي يبيع الخضار فعندما هم ذلك الشاب ان يشتري منه،اذ به يتفاجأ بتلك العصا التي تهز جنبه فعند التفاته للوراء اذ به يرى ان صاحب تلك العصا هو ذلك الشيخ العجوز الذي صادفه من قبل كان يطلب منه ان يسأل ذلك البائع عن اسعار الخضروات التي كان يعرضها فكان يتعذر على الشيخ عمل ذلك الشيء. شيخ عجوز قارب عمره المائة سنة، كان شيخا كبيرا من الله عليه بالصحة والقوة العقلية،فهو لايزال يتمتع بكامل صحته وعافيته، كان ذلك اللقاء هو بداية العلاقة الوطيدة التي جمعت ما بين ذلك الشيخ وذلك الشاب

في تلك الاثناء طلب ذلك الشيخ من ذلك الشاب أن يأتي بعد صلاة المغرب للمسجد ولدى سؤال الشاب عن سبب الطلب رد عليه قائلا: لا تكن لحوحا فقط نفذ ما طلبته منك!!كان هناك تفاوت نفسي في شخصية كلا الطرفين المتمثلة في الشيخ والشاب..فقد كان كلا منهما يتعامل وفق لعمره وزمنه،فوعد الشاب ذلك العجوز ان يأتي حسبما طلب منه. جاء وقت صلاة المغرب من ذلك اليوم وجاء الشاب حسب الموعد المتفق عليه،عند مجيئه صادف عدد من جماعة ذلك المسجد يتوسطهم ذلك الرجل العجوز،لم يدري ماذا يفعل ذلك الشاب حيال الامر،قرر ان يذهب لذلك الشيخ العجوز وعندما حضر رحب به وامر ان يجلس بين الجماعة فجلس وطلب منه ان يقوم بصب القهوة التي جاء بها ذلك العجوز.عرف الشاب فيما بعد ان تلك الجلسة يجتمع فيها جماعة ذلك المسجد منذ سنين حيث ان ذلك الرجل العجوز دأب على تلك العادة منذ زمان بعيد فيكون من اولئك الجماعة ان يجتمعوا بعد كل صلاة مغرب من كل يوم فيجمعهم ذلك الرجل العجوز.كانت تلك الجمعة اشبه بما يكون لم لشمل اسرة بافرادها كانت تحوي كثير من الاحاسيس والمشاعر الدافئة التي ارسى قواعدها ذلك العجوز.

مع مرور السنوات اصبح ذلك الشاب ركن اساس في تلك الجلسة وتلك الجمعة..كان يحرص كل الحرص ان لا يمر يوم دون ان يحضر..كان يحس ان ثمة شيء تركه في قلبه ذلك الرجل العجوز..كانت تلك العلاقة اشبه بما تكون برابطة تجمع الابن مع ابيه..كان كثيرا ما يتأمل ذلك الشاب وجه ذلك العجوز الذي علته التجاعيد..لكن اي تجاعيد..تجاعيد الحياة التي تركت اثرها..ووقعها على وجه وصوت ذلك الرجل العجوز..كان يتأمل كيف لرجل تخطى عمره المائة عام وهو ما يزال على حال كبير من الصحة والعافية والقوة العقلية..كان ذلك العجوز قد عمر شبابه بل وحياته بطاعة الله وحفظ القران ومراقبة الله في السر والعلن..كان كثير من جماعة المسجد الذين لا يعرفون ذلك الرجل العجوز وذلك الشاب يظنون ان ذلك والده وذاك ابنه..فكانت تلك العلاقة تمتاز بالحميمية والقوة.كان ذلك المسجد مثال قل نظيره في وقتنا الحاضر..من حيث متانة العلاقة بين المصلين..وتواصل الجماعة فيما بينهم..حيث كانوا فضلا عن ذلك الاجتماع اليومي الذي يجمعهم كل صلاة مغرب من كل يوم..كان هناك اجتماع اسبوعي يجمعهم..فضلا عن اجتماعات الاعياد..كان امام ذلك المسجد محبوبا جدا عند جماعته وبقية المصلين..كان ذا صوت شجي..كأنه اوتي احد مزامير داوود..كان صوته محط اسماع المصلين..كان امام ذلك المسجد اضافة لصوته الجميل يمتاز بحسن المظر والملبس..كان ذلك يظهر ايضا من خلال عنايته بالمسجد واظهاره بأجمل مظهر جمالي واروع حلة..فكانت رائحة البخور واجود العطور لا تفارق جنبات وزوايا ذلك المسجد.كان ذلك الامام يحظى بحب ذلك الرجل العجوز فكان يرتاح جدا لسماع صوته ويبتهج برؤية مظهره وملبسه التي كانت تضفي شعور السرور وترسم على محيا ذلك العجوز ابتسامة جميلة. في الطرف الاخر كان هناك نزر وفئة من جماعة المسجد تضمر الكره لذلك الامام،قد ضايقها ذلك القبول الذي يحظى به فوحده الحسد الذي دخل في قلوب اولئك الجماعة،في المقابل كان ذلك الشاب الذي عاش جميع تفاصيل تلك الاحداث قد شعر ببداية تلك الشرارة التي خاف منها،لكن لم يخف على نفسه بل خاف على وحدة تلك الجماعة والمسجد والحي الذي كان يتمثل امام ناظريه ان الكل جزء لا يتجزء من تلك الوحدة. مرت الايام وازدادت رقعة الخلافات فيما بين الامام وفئة من تلك الجماعة..ما ان كانت هناك محاولات لردم ذلك الخلاف تحصل الا وتحصل في الجهة المقابلة محاولة اخرى لانشقاق العلاقة فيما بين الاطراف،فكر ذلك الشاب انه لن يكون هناك تصافي حتى يكون هناك تنازل من طرف على حساب طرف في مقابل انهاء تلك الخلافات لكن ايا من الطرفين لن يتنازل حتى لو كان احد الاطراف معه الحق والاخر ليس له الحق

ذات يوم مر الشاب عند احد المحلات الخاصة بالهدايا فكر ان يهدي امام ذلك المسجد هدية فاختار ان تكون هدية باسم جماعة اولئك المسجد واختار ان تكون تلك الهدية عبارة عن درع تذكاري حفر عليه كلمات المحبة والمودة فذهب ذلك الشاب لمقابلة امام المسجد كي يفاجأه بتلك الهدية التي من شأنها ان تنهي تلك الخلافات وان كان في حقيقة الامر ان تلك الهدية ليست مقدمة اولئك الجماعة المختلفين مع ذلك الامام لكنها في النهاية سوف تؤدي لغرض نبيل،بحث الشاب عن الامام في ذلك اليوم فتفاجأ انه لم يصلي بهم في ذلك اليوم. ذهب الشاب كي يتقصى عن حقيقة الامر وما جرى من غياب الامام؟ فجأة رن صوت جوال ذلك الشاب قد وصلته رسالة على جواله وبينما هم الشاب بفتح الرسالة وقبل فتحها توقف قليلا..نبضات القلب كانت تخفق بسرعة كبيرة..كانت نبضات قلق وتوتر..بسرعة كبيرة طرح على نفسه عدة اسئلة..ما هو مضمون تلك الرسالة؟ من صاحب تلك الرسالة؟ والكثير من الاسئلة..الجواب كله يكمن في ان يفتح الشاب الرسالة في جواله ويقرأها..وبعدها كل شيء سوف يتكشف له، فتح الشاب الرسالة وكانت مرسلة له من قبل امام مسجدهم كان فحوى تلك الرسالة: السلام عليكم..من لم يقدرك فلا تقدره..غير انكم ممن قدرناهم واحببانهم..واردت ان تكون اصلاتي معكم في شهر رمضان هو وداعية لكم واخر صلاة اكون امام لكم فيها فلقد انتقلت الى مسجد اخر...واسأل الله ان نلتقي معكم على الخير دوما...توقف بعدها الشاب عند نهاية الرسالة..كانت الصدمة كبرى بالنسبة له..لم يعد يدري ماذا يفعل..سقطت عيناه على تلك الهدية التي اراد ان يقدمها لذلك الامام باسم جماعة المسجد..فسأل نفسه هل لو قمت باهدائها قبل ان يحصل ذلك هل كانت الامور ستكون بخير؟ ربما نعم وربما لا

بعد فترة عاد الشاب لذلك المسجد وكان حدث اخر في انتظاره..تفاجأ الشاب ان الرجل العجوز الذي اعتاد على رؤيته لم يكن موجودا..ظن انه ربما كان هناك ظرف منعه من المجيء للمسجد..فهو كان يتعذر عليه الحضور لاداء الصلاة في المسجد في بعض الاحيان لتعب يلم به من فترة لاخرى..قرر الشاب الانتظار والتريث..مرت ايام والحال على ماهي عليه والرجل العجوز لم يأتي لاداء الصلاة وحتى لم يلاحظ ذلك جماعة المسجد فقد كانوا يظنون انه متعب وسيعود لاحقا كما هي العادة من وقت لاخر...هنا قرر الشاب ان يذهب لبيت الرجل العجوز..وبعد فراغه من الصلاة ذهب متجها لبيت الرجل العجوز..مستثقلا خطواته..فكان يبدو على خطواته القلق والتوتر..كأن هناك شيء خفي ينتظره بعد تلك الخطوات..هنا توقف ذلك الشاب..فها هو وصل لبيت الرجل العجوز..كان مترددا في طرق الجرس..وبعد تفكير طرق الجرس..ومع تلك الطرقة شعر كأنما احد ما طرق قلبه..نفسه ومشاعره..فلم يجاوب احد على طرق الباب فعاود طرق الباب المرة تلو المرة..فلم يجب احد رجع الشاب لا يدري اين يتجه فذهب فورا لبيت جار الرجل العجوز ينشد احد يجيبه اين هو فأخبره جاره ان الرجل العجوز قد انتقل الي حي اخر منذ ايام مضت...ماذا تقول!! متى وكيف وأين ذهب!! كانت ردة فعل الشاب قوية وغير متوقعة..احس ان شيء ما قد انكسر في داخله بل وتحطم..هل هو قلبه..ام مشاعره..ام ذلك الطفل الصغير الذي سكن في نفسه..فقد كان ذلك الرجل العجوز يمثل له الشيء الكثير..فقد كان يعتبره بمثابة الاب بعد فقده لوالده منذ زمن..فكان الكل يعتبر ذلك الرجل العجوز انه والد ذلك الشاب من فرط محبته له وعنايته واهتمامه به..على الفور لم ينتظر الشاب وقتا فذهب على الفور لبيت الرجل العجوز فأخذ عنوان بيته وانطلق نحوه..وكان قلبه ومشاعره واحاسيسه الجميلة التي عاشها مع ذلك الرجل العجوز قد انطلقت نحو بيته قبل انطلاق ذلك الشاب نحوه.عندما جاء للبيت اخبروه بأنه ليس في البيت وانه ذهب للمسجد..فذهب للمسجد المجاور ولحظة دخوله وبعد فتحه لباب المسجد قام بالدخول بهدوء واستكانة فما ان هم بالدخول حتى اشاخ واطل برأسه لمحت عينه بريقا كان يشير له الى احد اطراف المسجد فرأى ذلك الرجل العجوز يجلس على عربته في احد زوايا المسجد..هنا دخل ذلك الشاب بكل هدوء..متجها نحو ذلك الرجل العجوز..وما ان وصل حتى مد يده للسلام عليه فنظر الرجل العجوز لوجه الشاب فلم يصدق..انت!!انت!!يا.... كيف وصلت الى هنا فاحتضنه كأنه احتضان فراق دام سنين ولم يدم ايام. وتجاذب الرجل العجوز اطراف الحديث مع ذلك الشاب فكان حديث مليئ بالمشاعر الدافئة التي تتدفق حبا ومودة..عاهد ذلك الشاب نفسه ان يبقى على تواصل دائم مع ذلك الرجل العجوز..وبينما هم الشاب بالمغادرة طلب الرجل العجوز ان ينقل سلامه لجماعة المسجد وان يخبرهم على لسانه انه يفتقدهم كثيرا فأشار الشاب للرجل العجوز برأسه اي نعم سوف اخبرهم بسلامك..وطلبك...ولكن قبل ان يغادر الشاب انطلق كلمة فيه نفسه ردا على ما طلبه منه الرجل العجوز..لكن تلك الكلمة لم يسمعها سوى ذلك الشاب كانت تلك الكلمة هي اني انا كذلك ياوالدي..ياعمي..ويعني بتلك الكنية الرجل العجوز..وانا كذلك سوف افتقدك..وافتقد حديثك..وكلامك..بل وجودك بأكلمه..وبالتأكيد سأفتقد تلك الدلة والفنجال وشوية التمر..التي كانت تجمعنا بك

سعود المحمود

جيم وسلفر

الجميع يتذكرون مسلسل الاطفال"جزيرة الكنز" ذلك المسلسل الذي كنا نتسمر عند شاشات التلفاز لمشاهدته،ذلك المسلسل كان يحكي شخصية سلفر القرصان الشرير وشخصية جيم الولد الطيب،كان جيم ينظر لسلفر بمثابة القدوة على عدة جوانب ابتداءا من رحلتهم للعثور على الكنز،فرغم التفاوت الكبير في السن بينهما وبطبيعة الحال عندما يكون هناك تفاوت في السن فإن كلا الطرفين يكون هناك اختلاف كبير في جميع الجوانب الحياتية لهما لكن عندما ينظر أحد الطرفين للآخر على أنه قدوة له في أمر أو عدة أمور أو جوانب فإن ذلك الاختلاف لا يشكل شيئا كبيراً بينهما. كان جيم ينظر إلى شخصية سلفر أنها تلك الشخصية القوية..الصبورة..المليئة بالكبرياء..ربما كان هناك عامل مساعد لوجود مسمى الإعجاب لدى جيم بشخصية سلفر وساهم ذلك العامل بزيادة حجم الإعجاب والإحترام بشخصية سلفر ألا وهو أن سلفر كان لديه قدم واحدة حيث أنها كان مبتور القدم. من زاوية أخرى عندما نرى من جانبنا أي شخص يكون لديه إعاقة معينة سواء كانت إعاقة ذهنية أو إعاقة جسدية تتمثل في فقدانه لأحد قديمه أو أحد يديه أو وجود ضمور في قواه العقلية أو غيره من الإعاقات فإننا بطبيعة الحال ننظر لذلك الشخص من زاوية أخرى تماما وهي زاوية التعاطف والإشفاق،قد تكون تلك النظرة سببها أننا نتعامل من جانب العاطفية الموجودة لدينا أو ورثناها بسبب ثقافة المجتمع أو ثقافة الأسرة أو لوجود موروث معين ساهم أن ننظر لذلك الشخص الناقص والمفتقد لأحد مقومات الجسد أو العقل.قد يكون هذا السبب جعل من جيم ينظر لسلفر تلك النظرة لكن ما زاد في تلك النظرة من قبل جيم لسلفر وأضفى عليها صفة الإعجاب والإحترام هو وجود مقومات البأس الشديد والصمت والقوة الظاهرة والجلد والصبر من قبل سلفر على شخصيته الذاتية وهي التي رأى فيها جيم أن شخص فاقد لقدمه ويسير ويمضي في حياته دون أن تشكل تلك الإعاقة أي عائق أمامه فهنا تشكل جانب الإعجاب بتلك الشخصية فرأى فيها جيم مثابة القدوة والرمزية ومصدر الإلهام له كي يتخذ منها نبراسا يستنير من خلاله في طريقه ودربه نحو الحياة ومشوارها. بعد اكتشاف جيم لحقيقة سلفر الشريرة وأنه في النهاية ليس سوى أحد القراصنة الأشرار لم تتغير تلك النظرة لجيم تجاه سلفر،قد يكون خلال سياق حلقات المسلسل قد تغيرت نظرة جيم تجاه سلفر في بعض المواقع والأحداث لكنها في النهاية بقيت كما هي رغم إكتشاف جيم لحقيقة سلفر الشريرة وأنه لا يعدو كونه مجرما وقرصانا.خلال مشهدين من ذلك المسلسل يتجلى مدى إحترام جيم وشغفه بتلك الشخصية المتمثلة في شخص سلفر الشرير،فالمشهد الأول يكمن عندما حاول سلفر الخلاص من نفسه بعد أن أرشد العصابة على مكان الكنز فكان قد طلب من أحد الرجال ضربه فكان جيم يرى أن الشخصية التي لطالما اعتبرها قدوة له وهو سلفر يتعرض للضرب كان يرى أن الشيء الجميل يزول ويمتهن بل ويضمحل أمام ناظريه،والمشهد الأكثر تعبيرا في المسلسل هو لحظة إلتقاء جيم بسلفر فبعد أن كبر جيم وأصبح شاباً فتياً رأى سلفر بالصدفة في أحد الأماكن وكان سلفر وقتها قد بلغ من الكبر مبلغه وأصبح كهلاً عجوزاً فإلتقيا بالصدفة ثم مر سلفر وذهب فركض وراءه جيم ركضاً سريعاً كأنه يريد أن يلحق تلك الشخصية التي إعتبرها دوما قدوة مهمة بالنسبة له ولم تغب على مدار السنين وبعد تفرق تلك الشخصيتين عن مشهد اللقاء،بقيت تلك الشخصية رغم عدم اكتمال عناصر المثالية فيها فكانت شخصية إمتزجت فيها قليل من الخير وكثير من الشر.
قد تكون هناك فائدة تتجلى من خلال شخصيتي ذلك المسلسل وهي أن إعجاب جيم الطيب بسلفر الشرير كان سببه وجود نقاط تأثير فجيم كان يعتبر سلفر قدوة له في الحياة، فاقتبس من صفاته الشخصية دروسا له نفعته في حياته بشكلا عام ووجد أثرها في نفسه بغض النظر عما كانت شخصية سلفر عليه في النهاية من كونه شريرا ومجرما فهنا قد نخرج بإستقراء معين وهو أنه مهما بلغ مستوى الإختلاف بيننا وبين الآخرين سواءا كان ذلك الإختلاف على صعيد الصفات..أو الآراء..أو وجهات النظر..أو غيرها من الإختلافات فلا يعني ذلك بالضرورة إلغاء مبدأ الإستفادة من الطرف الآخر فقد يكمن هناك قصور في جانب من قبل طرف فيستفيد منه الطرف الآخر رغم الإختلاف بينهم وقد يكون عداء وعداوة لكن قد يكون هناك موقف..أو كلمة..أو رأي يستفاد منه في تطوير وتوجيه لذلك الطرف فهنا علينا أن لا نلغي معنى الإستفادة حتى من العدو

سعود المحمود

السبت، 18 يونيو 2011

الدعاء

الدعــــــــــــاء

الدعاء هو لب العبادة وقلبها النابض
الدعاء شي معنوي وحسي له اثر ايجابي كبير في حياة الفرد
عندما يتعلق الامر في جانب الدعاء فنحن نتكلم عن تلك العلاقة التي تربط بين الله عز وجل وبين ذلك الشخص المسلم الذي علق قلبه بالله وحده
فهو يوقن بأن معاني النفع والضر والخير والشر كلها مكتوبة..مقدرة..محتمة منه سبحانه
عندما يكون الشخص في عزلة عن الناس ومعزل عن الحياة فيرفع يديه الى خالق الكون الفسيح..فيحاول ادخال نفسه الى عالم المخاطبة الروحية بينه وبين الله تعالى
فيصور نفسه ان روحه..قلبه...احساسه..بل وجوارحه صعدت الى العوالم العلوية والفوقية تعتنق معاني المحاورة بين العبد وربه..في ذلك الوقت سيجد ذلك الداعي اثرا جميلا في قلبه..فهو عندما يخاطب الشخص الذي يدعوه..فهو يخاطب الله سبحانه..الذي خلقه وانشأه واوجده من العدم الى حياة الوجود
هو الذي يشتكى له...ويدعى لأجله
قال الله عزوجل في سورة يونس:((واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائمًا فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعونا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون)) يذكر الله سبحانه وتعالى اهمية الدعاء بالنسبة للانسان وانه يدعو ربه على حال الضر فقط وهو قاعد او قائم او حتى على جنبه..لكن قل من يدعو وهو في حالة الرخاء فهذا هو حال الانسان لا يذكر الله الا في الشدة او ساعة الكربة الا من رحم الله

الدعاء عبادة يقدر الانسان على ممارستها في كل احواله دون وضوء ولا حتى استقبال للقبلة في جميع احواله التي يصير عليها..هي شيء حسي..يخص جانب المشاعر الايمانية...القلبية..النفسية..


فحين يقبل بقلبه فقط ولا شيء سواه سوف يجد ذلك الاثر في ان يمارس العبودية لله وحده لا شريك له

سعود المحمود

الكتابة

الكـــتابة
ذلك الشيء القابع بين جنبات الاقلام..في خلجات الأنفس
هو نشاط وتعب..راحة ونصب..فرح وترح..حزن وفن
يحمله الكاتب في نفسه..فتجده يرسم تلك اللوحات التشكيلية..بمختلف الالوان
كل لون يعبر عن شعور..احساس..يرمز لتلاوين الحياة
كم نحن بحاجة لممارسة الكتابة..فهي تغسل عناء الشخص
يهرب فيه الكاتب من عالمه المكهرب بشحنات الحياة فيهرب الى ذلك العالم
ويبحر في خيالاته..يحلل واقعاً..يرسم مشهداً..يحكي ألماً..يشكي كمداً
من واقع أمة..من سقوط همة..من انهيار قمة
ينشد غداً افضل..مشرق..يشخص فيه ويسطر خريطة طريق لكل ما هو جميل

سعود المحمود