الأربعاء، 22 يونيو 2011

جيم وسلفر

الجميع يتذكرون مسلسل الاطفال"جزيرة الكنز" ذلك المسلسل الذي كنا نتسمر عند شاشات التلفاز لمشاهدته،ذلك المسلسل كان يحكي شخصية سلفر القرصان الشرير وشخصية جيم الولد الطيب،كان جيم ينظر لسلفر بمثابة القدوة على عدة جوانب ابتداءا من رحلتهم للعثور على الكنز،فرغم التفاوت الكبير في السن بينهما وبطبيعة الحال عندما يكون هناك تفاوت في السن فإن كلا الطرفين يكون هناك اختلاف كبير في جميع الجوانب الحياتية لهما لكن عندما ينظر أحد الطرفين للآخر على أنه قدوة له في أمر أو عدة أمور أو جوانب فإن ذلك الاختلاف لا يشكل شيئا كبيراً بينهما. كان جيم ينظر إلى شخصية سلفر أنها تلك الشخصية القوية..الصبورة..المليئة بالكبرياء..ربما كان هناك عامل مساعد لوجود مسمى الإعجاب لدى جيم بشخصية سلفر وساهم ذلك العامل بزيادة حجم الإعجاب والإحترام بشخصية سلفر ألا وهو أن سلفر كان لديه قدم واحدة حيث أنها كان مبتور القدم. من زاوية أخرى عندما نرى من جانبنا أي شخص يكون لديه إعاقة معينة سواء كانت إعاقة ذهنية أو إعاقة جسدية تتمثل في فقدانه لأحد قديمه أو أحد يديه أو وجود ضمور في قواه العقلية أو غيره من الإعاقات فإننا بطبيعة الحال ننظر لذلك الشخص من زاوية أخرى تماما وهي زاوية التعاطف والإشفاق،قد تكون تلك النظرة سببها أننا نتعامل من جانب العاطفية الموجودة لدينا أو ورثناها بسبب ثقافة المجتمع أو ثقافة الأسرة أو لوجود موروث معين ساهم أن ننظر لذلك الشخص الناقص والمفتقد لأحد مقومات الجسد أو العقل.قد يكون هذا السبب جعل من جيم ينظر لسلفر تلك النظرة لكن ما زاد في تلك النظرة من قبل جيم لسلفر وأضفى عليها صفة الإعجاب والإحترام هو وجود مقومات البأس الشديد والصمت والقوة الظاهرة والجلد والصبر من قبل سلفر على شخصيته الذاتية وهي التي رأى فيها جيم أن شخص فاقد لقدمه ويسير ويمضي في حياته دون أن تشكل تلك الإعاقة أي عائق أمامه فهنا تشكل جانب الإعجاب بتلك الشخصية فرأى فيها جيم مثابة القدوة والرمزية ومصدر الإلهام له كي يتخذ منها نبراسا يستنير من خلاله في طريقه ودربه نحو الحياة ومشوارها. بعد اكتشاف جيم لحقيقة سلفر الشريرة وأنه في النهاية ليس سوى أحد القراصنة الأشرار لم تتغير تلك النظرة لجيم تجاه سلفر،قد يكون خلال سياق حلقات المسلسل قد تغيرت نظرة جيم تجاه سلفر في بعض المواقع والأحداث لكنها في النهاية بقيت كما هي رغم إكتشاف جيم لحقيقة سلفر الشريرة وأنه لا يعدو كونه مجرما وقرصانا.خلال مشهدين من ذلك المسلسل يتجلى مدى إحترام جيم وشغفه بتلك الشخصية المتمثلة في شخص سلفر الشرير،فالمشهد الأول يكمن عندما حاول سلفر الخلاص من نفسه بعد أن أرشد العصابة على مكان الكنز فكان قد طلب من أحد الرجال ضربه فكان جيم يرى أن الشخصية التي لطالما اعتبرها قدوة له وهو سلفر يتعرض للضرب كان يرى أن الشيء الجميل يزول ويمتهن بل ويضمحل أمام ناظريه،والمشهد الأكثر تعبيرا في المسلسل هو لحظة إلتقاء جيم بسلفر فبعد أن كبر جيم وأصبح شاباً فتياً رأى سلفر بالصدفة في أحد الأماكن وكان سلفر وقتها قد بلغ من الكبر مبلغه وأصبح كهلاً عجوزاً فإلتقيا بالصدفة ثم مر سلفر وذهب فركض وراءه جيم ركضاً سريعاً كأنه يريد أن يلحق تلك الشخصية التي إعتبرها دوما قدوة مهمة بالنسبة له ولم تغب على مدار السنين وبعد تفرق تلك الشخصيتين عن مشهد اللقاء،بقيت تلك الشخصية رغم عدم اكتمال عناصر المثالية فيها فكانت شخصية إمتزجت فيها قليل من الخير وكثير من الشر.
قد تكون هناك فائدة تتجلى من خلال شخصيتي ذلك المسلسل وهي أن إعجاب جيم الطيب بسلفر الشرير كان سببه وجود نقاط تأثير فجيم كان يعتبر سلفر قدوة له في الحياة، فاقتبس من صفاته الشخصية دروسا له نفعته في حياته بشكلا عام ووجد أثرها في نفسه بغض النظر عما كانت شخصية سلفر عليه في النهاية من كونه شريرا ومجرما فهنا قد نخرج بإستقراء معين وهو أنه مهما بلغ مستوى الإختلاف بيننا وبين الآخرين سواءا كان ذلك الإختلاف على صعيد الصفات..أو الآراء..أو وجهات النظر..أو غيرها من الإختلافات فلا يعني ذلك بالضرورة إلغاء مبدأ الإستفادة من الطرف الآخر فقد يكمن هناك قصور في جانب من قبل طرف فيستفيد منه الطرف الآخر رغم الإختلاف بينهم وقد يكون عداء وعداوة لكن قد يكون هناك موقف..أو كلمة..أو رأي يستفاد منه في تطوير وتوجيه لذلك الطرف فهنا علينا أن لا نلغي معنى الإستفادة حتى من العدو

سعود المحمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق