السبت، 23 يوليو 2011

هل هو ضيف موجود؟...أم غائب مفقود؟

ذات يوم شعرت مليا برغبة في التعرف عليه...كان يدهشني جدا لدرجة الفضول أحيانا..والشوق أحيانا أخرى..فلم أكن أعرف طريقة للتعرف عليه..كانت شخصيته تتصور وتتشكل في صور عديدة لا حصر لها..فمرة يكون ذلك الشيق في مضمونه..وتارة يكون ذلك الواسع في مكنونه..ومرة يكون ذلك المبحر في شخصه..وتارة يكون ذلك الجميل في طرحه...فكرت مليا في البداية بطريقة للتواصل معه..بحثت عن رقم جواله بالإسم فحاولت البحث في دليل الهاتف لكن للأسف أسماء متشابهة تلك التي ظهرت لي في أحد معلومات البحث..هنا قلت في نفسي:لا مناص ولا وسيلة إلا بالإتصال بأحد الأرقام التي بحوزتي
في اليوم التالي وعلى عجل،اوقفت كل ما يشغلني في ذلك الوقت،ذهبت مباشرة إلى مجلس بيتنا،أقفلت الباب بإحكام وحرصت على أنه ليس هناك أي شخص سيسمع صوتي من الأهل أو الجيران،ألقيت نظرة سريعة من شرفة النافذة على محيط البيت والشارع،حمداً لله الوضع كان هادئا في داخل وخارج البيت،حسنا هنا أخرجت جوالي،اممم كانت يدي ترتجف بعض الشيء وكنت قلقا لعدم معرفتي كيف سيكون عليه أمر تلك المكالمة..فهو لا يعرفني ولا أعرفه،تشجعت واستجمعت قواي الذهنية وضغطت رقم الإتصال...لكنه لم يجب علي!! عاودت الاتصال مرة أخرى فأجاب علي برسالة نصية فحواها:أنا مشغول سأتصل بك لاحقا يا-سعود-!! هنا توقف قلبي للحظات..وبالكاد كنت ألفظ أنفاسي..فلم تقع عيني إلا على كلمة-سعود-التي هي تمثل اسمي!!كيف لذلك الشخص أن يعرفني وأنا متأكد تمام التأكد أنه لم يسبق له أن عرفني إضافة لأني لم ألتقيه من قبل ولم يحصل بيننا سابق معرفة...وسط تلك الأفكار والهواجس التي كانت تقذف بي جانبا وفي ثورة الخوف والقلق الذي اعتراني..رن جرس هاتفي الجوال في تلك اللحظة،أووووه إنه هو..كيف سأرد عليه وهو يعرفني...من هو ذلك الشخص الذي حتى لم أعرف اسمه...أخذت جوالي وأجبته قالي لي:مرحبا أستاذ سعود..كيف حالك! فأجبت قلت له كيف تعرف اسمي ونحن لم نلتقي من قبل! قال لي:لا،كيف لم نلتقي من قبل فنحن التقينا وفي بيتك بالتحديد،وفي غرفتك أيضا!!هنا شل لساني تماما عن الكلام،فلم أستطع تحريك أي شيء فيني،فأخذ يقول أليس بيتكم في الحي الفلاني وأخذ يصف وصف دقيقا شكل منزلنا ومجلس بيتنا ولون الأثاث وتلك المكتبة وهذه المزهرية،بل وغرفتي أيضا!!هنا توقف عن الحديث وأخذ يتكلم في جانب آخر فقال لي:أنا أعرف أنك اتصلت بي وبحثت عني لغرض اللقاء،حسنا يا سعود إن أردت بإمكانك لقائي وحدد لي مكان اللقاء وكان ذلك في معرض الكتاب الدولي الذي عقد في مدينة الرياض في شهر مارس الماضي،قلت له حسنا أي موعد يناسبك،فقال لي:لعله يكون في المساء فهو مناسب وان شئت يا سعود في الصباح فلا مشكلة..قلت له:حسنا،وقت المساء موعد مناسب جدا لي

في المساء ذهبت لمعرض الكتاب الدولي،جلست داخل السيارة،كانت الأعصاب على أشدها من جراء ما مررت به مع ذلك الشخص المجهول الذي يعرفني وأنا لا أعرفه!! جاء وقت اللقاء،اتصلت به لكنه لم يجب،ذهبت عند نفس المكان الذي حدده لي داخل معرض الكتاب الدولي واتصلت كذلك عليه لكنه لم يجب،هنا بدأت في الشك بشكل كبير،من يكون ذلك الشخص ولماذا حدد لي الزمان والمكان للقاء ولم يحضر ولم يجب على هاتفه!! أمر مريب دعاني للتفكير مليا،هنا ركبت سيارتي تاركا ذلك المكان وعدت أدراجي نحو البيت

في الطريق وعند الإشارة وأنا مستغرق في التفكير...رن جرس هاتفي،إنها رسالة نصية فتحت الرسالة فإذا هو ذلك الشخص الذي أرسلها لي كان نصها:أعتذر جدا يا سعود لم أقدر على لقائك نظرا لإنشغالي مع أشخاص كنت معهم وعدم تمكني حتى على الرد على جوالي! أكرر اعتذاري منك،وأراك غدا الساعة الفلانية في بيتكم....تحياتي لك.هنا أحسست برغبة في الصراخ بسبب ما حدث لي!! لا أصدق من هو ذلك الشخص الذي كنت مهتم بالتعرف عليه والآن أصبح كالشبح يلاحقني ويعرف حتى منزلي ومجلسي بل وغرفتي

في اليوم التالي وهو يوم زيارته لي،ذهبت وأعددت ابريق الشاهي ودلة القهوة،ورتبت تلك الفناجيل وتلك الأكواب ووضعتها في الصينية وحملتها متجها نحو المجلس حاملا معها كثير من الأفكار عمن يكون ذلك الشخص المجهول الهوية!! وضعت الصينية على الطاولة ورفعت الستارة عن الشباك وجلست انظر للخارج..كان الجو ملبدا بالسحاب وعلى وشك أن تمطر...نظرت إلى الساعة إنها السابعة مساءا موعد لقائنا المرتقب..أصبحت الآن الساعة السابعة والنصف،لقد تأخر عن الحضور،ربما حبسه المطر وزحمة الطريق عن الوصول؟ قد يكون كذلك،هنا وقع ناظري على ذلك الكتاب الذي يقبع في مكتبة المجلس لدينا،كان عنوانه يشدني دوما دون أن ألقي له بالا أو حتى محاولة لقراءته،فأخذته رغبة مني في قصقصة الوقت فأقرأه ريثما يتصل ذلك الشخص فيعلمني عن سبب تأخره عن موعدنا أو حتى يعتذر بعذر مقنع،أوووه كيف لي أن أقرأ في مثل هذا الوقت والحدث الغريب الذي أمر به،ألقيت الكتاب جانبا وغلبني النعاس....فجأة!! رن جوالي..إنه هو يتصل بي..ترددت في الرد..لكني رددت عليه..فقلت له:أين أنت؟ لماذا تأخرت؟ هنا سمعت صدى صوتي يتكرر من أثير الجوال..صعقت...جن جنوني..ما الذي يحدث...فجأة!! أجابني:كيف حالك يا سعود،أعتذر لعدم مجيئي لإنشغالي أيضا...ربما سمعت صدى صوتك الآن وأنت تكلمني..وربما أنك مشدوه لما حصل...حسنا لا مشكلة يا سعود ربما تريد أن تعرف من أكون ومن أنا،حسنا سأخبرك من أكون لكني في البداية لم أخلف موعدي في المرة الأولى والآن في المرة الثانية.أنا اسمي-الكتاب-عندما جئت لمعرض الكتاب الدولي كنت مشغولا بين أيدي القراء فلم يكن هناك مجال للقاء...والآن كنت بين يدك وجئت على الموعد الذي أنت رغبته وحددته..لكنك للأسف لم تقدر قدري فرميت بي جانبا...ليس لي اسم معين...وليس لي شكل معين..فأنا على حسب المؤلف يكون اسمي..وعلى حسب موضوع الكتاب يكون رسمي...لكنك لم تقدر جليسك الذي قيل عنه قديما:وخير جليس في الزمان كتـــــاب..فأنا أكون الضيف الموجود والغائب المفقود حسب رؤية القراء لي...هنا ضحكت على نفسي لأني لم أكن أدرك حقيقة معنى ما قاله لي ذلك الكتاب عن نفسه إلا بعد أن عزمت على القراءة وصحبة الكتاب......سعود المحمود

الاثنين، 18 يوليو 2011

كم أنت جميل يا أيها الصديق...وكم أنت قبيح يا أيها الإنسان

كنت عائدا للبيت،وعندما هممت بالدخول وجدته يجلس ورائي كما هي عادته يتصور بصور شتى.جئت كي أدخل لغرفتي،مازال يركض ورائي فكان هنا على هيئة الظل الملازم لي وما إن دخلت وأشعلت النور حتى اختفى،لكنه تلون وتحول إلى صوت داخلي يناديني كما هي العادة!إنه القلم!!طلب مني أن أكتب؟فلم أتمالك نفسي ولم أستطع رفض تلك الدعوة التي يسيل لها لعابي،فقلت له هون عليك وامنحني الوقت كي أسترخي بفكري وعقلي ولك ذلك العهد أيها القلم أن أكتب.هنا بادرته بالسؤال ما هو الشيء الذي تريدني أن أكتب عنه؟قال لي:ليس هذا سؤال توجهه لي فأنا أداة لا أعرف لغتكم يا سائر البشر ولكني أكتب بإملاء منكم..وبأمر منكم..فوجه هذا السؤال لنفسك،عن ماذا تريد أن أكتب؟ قلت له:اهدأ يا قلمي العزيز فلو غضبت أعلم أنك ستنفجر فيتطاير حبرك،وهنا سأواجه مشكلة أخرى في كيفية جمع حبرك فلن أجد حبرا أستخدمه للكتابة.هنا انتهى ذلك الحوار الساخن بين ذلك الكاتب وذلك القلم عن دور كلا منهما لكن لا تقلقوا فهم دوما على شجار دائم ولكنهم في النهاية يلتقون على ذلك الورق

قبل شروعي في اختيار موضوع هذه الأطروحة ذهبت ففتحت تلك الخزانة،كانت تحوي عدد من الأكياس فأخذت أحد تلك الأكياس فوضعت فيها جميع الحروف...الكلمات...العبارات...الصفات..الجميلة والإيجابية التي لا أدعيها فهي شرف لا..ولن أدعيه،فأخذت كلما سبق ذكره ووضعته في ذلك الكيس وأغلقته بإحكام وألقيت بها خارجا..لا أدري أين...لا يهم...فالأهم هنا هو التجرد من أي صفة حسنة في وقت حضور الكتابة ورسم الكلمة كي لا يتم تصوير المشهد من جانب إضفاء المدح والإطراء في شخص الكاتب

إلتقيت به في أحد الأسفار حيث كنت متوجها لأداء العمرة وكان ذلك قبل نحو سبعة أعوام،وكم هي فرصة مواتية لتتعرف على الشخص عن كثب في السفر،حيث يظهر المعدن،ويتجلى المنظر،وتتضح المعالم،وتبرز المكارم،ليس بالضرورة مكارم الجود والمال فهي جزء منها،وإنما نقصد هنا مكارم الأخلاق والتربية.بعد عودتنا قام بإيصالي إلى المنزل،كانت مجرد تلك اللفتة تعني الكثير في مسمى الصداقة وما تندرج تحت تلك الكلمات من مسميات ومعاني.في الطريق إلى البيت تجاذبنا الحديث الشخصي والتواصل المعرفي فيما بيننا،هناك مقولة لكن لا ندري إلى من ننسبها هل إلى الحكماء أم إلى الخبراء..أي يكن فهي جميعها مداد لمقولات صادقة،فهناك من إذا عايشته في موقف معين تعرف حقيقة ذلك الصاحب وإن كنت لم تعرفه من قبل إلا وقتا من الدهر،ومنهم من كنت تعرفه كل الدهر ولكن لم يظهر لك تعريف الصداقة الحقيقية في أحد المواقف.مضت السنوات فيما بيننا وكان التواصل على استحياء من قبلي،هنا يجب أن يكون هنالك اعتراف صارخ من أحد الطرفين بالتقصير وأنا هنا أتقمص دور ذلك الشخص المعترف بالتقصير وقد يكون الإنسان بطبيعته البشرية يفتقد للمبادرة في السؤال في كثير الأحيان فقد كان يتواصل معي على فترات أدركت فيما بعد أنه يوصل لي رسالة مفادها كيف حالك يا صديقي فأنا محتاج ليد صديق في وسط الإنقطاع التواصلي بين الأصدقاء.جمعتني بذلك الصديق مجددا وقبل فترة يسيرة رحلة أخرى فكانت هناك مواقف مررنا بها،كنت أنظر لعينا ذلك الصديق وكما هو معلوم أن العين هي نافذة الروح فتخبرك عما في نفس الإنسان من أفراح وأتراح،تخللت تلك السفرة بعض المواقف السلبية من المرافقين والتي تكشف شخصياتنا في وقت السفر،فكان يعبر عنها بلغة الصمت التي تعني الكتمان مع قليل من الكلام الذي لا يكاد يذكر فكانت تنعكس عليه من خلال زاوية العين،واجهته بها فيما بعد فكان يقابلني بتلك الإبتسامة أن لا شيء يذكر وأن الأمر هين.كان ذلك الصديق يحب الخيل ويتمنى ركوبها كنت أفسر في نفسي سبب حبه للخيل بتلك الرغبة أن يمتطي تلك الخيول الجامحة في سرعتها فيهرب من واقع الحياة المؤلم،وفي نفس الوقت كان يحب التصوير وكنت أفسر ذلك أنه يرغب في إلتقاط تلك الصورة الجميلة لموقف معين...ربما...كان ذلك الصديق وما يزال مثالا على من تحمل المسؤولية الأسرية وترك أحلامه جانبا لربما لبعض الوقت وربما إلى الأبد..فعمل بمجال بعيد عن تخصصه الدراسي الذي حلم به..ففي كثير من الأحيان تأخذنا الظروف إلى حيث لا نرغب فنجد أنفسنا أن تلك الظروف صادرت رغباتنا لأسباب عائلية أو لعدم وجود التشجيع للإستمرارية فيما نحبه أو لإنصدامنا في المجتمع..لكن تبقى الإرادة هي الفيصل الذي يحكم رغباتنا

كم أنت قبيح أيها الإنسان في بعض لا لا ولم لا بل في كثير من الأحيان...فأنت لم ترسم ذلك العنوان..ليست الصداقة أن تكون كريما في العطاء..أو سخيا في اللقاء..لكن كم هو جميل أن تعايش هم ذلك الصديق كمجرد المعايشة أنك تشعره أن ذلك الهم الذي يعتريك يا صديقي هو همي لا ينقص عنه مقدار أنملة حتى لو لم تصف له ذلك الدواء كي يعالج مشكلته...أو تعطيه ذلك الحذاء كي يسير على محنته..فكونك أعطيته ذلك الإحساس أنك تعيش نفس المشهد معه لحظة بلحظة فهذا سيبقى له جميل الأثر في نفسه..كن بسيطا في تعاملك مع أصحابك بعيدا عن التكلف والتزمت..كن مبادرا...معايشا لمشاعرهم وأحاسيسهم...ولو بالشعور بمشاكلهم....قد تعبر هذه المقالة عن شيئ في نفسك أيها المتلقي..فلا تبخل بها على صديقك بالتعبير له..اعترافا من تلك النفس السامية النبيلة التي تسكن في جنباتك أنك مقصر في حق أصحابك مهما بلغت فلنجدد عهد الوفاء لأولئك الأصدقاء الذين يستحقون وصف الأصدقاء...وكم أنت جميل يا أيها الصديق وكم أنت قبيح يا أيها الكاتب.....سعود المحمود

مصافحة يـــــــد

 المدينة:في الرياض.....المكان:لايهم....الوقت:أيضا لايهم....الموضوع:هو ذلك الأهم فهو الهم بحد ذاته.كنت في تلك اللحظة أبحث في جهاز الحاسب الالي،بينما أنا كذلك إذ بتلك اليد تمتد نحوي كي أصافحها فمددت يدي كي أبادلها المصافحة وما إن ضممت يدي لتلك اليد حتى أحسست أني أصافح يدي لا تلك اليد فأمعنت جيدا في تلك اليد التي مُدت لي،فوجدتها مبتورة الأصابع فلا وجود لأي اصبع،هنا نظرت لصاحب تلك اليد!! أوووووه إنه ذلك المحتاج!! سبق أن رأيته في ذلك المكان الذي اقضي فيه جل وقتي..لكن من هو ذلك المحتاج وما هو شخصه وكيف يبدو؟ لم تكن إمرأة طاعنة في السن...ولم يكن شابا في مقتبل العمر...كان أب..يعني رب أسرة..يعني مسؤول عن بيت..نعود لكلمة الأب التي تندرج منها كثير من المعاني فهو الخيمة بالنسبة لأركان البيت ويجلس تحت كنفها بقية أعضاء الأسرة..أن يكون ذلك المحتاج هو أب!!إنه فعلا شيء في قمة القهر والقسوة أن ترى ذلك المحتاج الذي جاوز عمره الخمسين على مايبدو لي...بادرني ذلك المحتاج بالسلام فسلمت عليه ودعوته للجلوس،كيف حالك ياعم؟هل أنت بخير؟ ظهرت الاجابة في ملامح وجهه...كانت تحمل كل معاني الانكسار والسقوط في لسان الحال..وتبع ذلك لسان المقال فأخرج لي ورقة أن بيته مرهون لذلك المرتهن..استلمت الورقة منه كانت تحمل كلام كثير وعبارات أكثر..لم تسقط عيني سوى على كلمة-إقرار برهن-ولم أمعن النظر إلا في كلمة-إقرار برهن-تلك الكلمة التي تحمل في مضامينها كثير من الأوصاف المغدقة في القسوة والعنفوان،فتلك الكلمة كانت تعني رهن ذلك الأب وتلك الأم وتلك العائلة برمتها التي ستبقى رهينة لرحمة ذلك المرتهن الذي لن يفك الرهان إلا بتسديد حفنة الأموال،فسيبقى ذلك الأب المحتاج رهين الفكر والحلم والرغبة لذلك المرتهن الذي لن يأخذه إلاً ولا ذمة في حال ذلك المحتاج.كنت فيما سبق قد أخذت رقم ذلك المحتاج في المرة التي سبق أن إلتقيته فيها..أخرجت جوالي بسرعة في تلك المرة وسجلته لدي على أمل أن أتصل به وأساعده بما يقدرني الله عليه...لكني نسيت بالطبع،فجاء ذلك اليوم الذي إلتقيته فيه فجاء هو بنفسه فعندما لقيته كأنه وجه لي تلك الصفعة رغم فقدان تلك اليد لأصابعها لكن تلك الصفعة هزتني..كأنها تخبرني وتقول لي:كم أنت دنيئ..وكم أنت حقير يا أيها المدعو سعود المحمود..لماذا أخذت رقمي ولماذا سجلت اسمي...فكأني في قرارة نفسي وجهت له طلبا بالعفو والغفران لأني لا أدري هل نسيت أم أني نُسيت وعدي له بالمساعدة في المرة الأولى.بعد قراءتي لورقة رهن بيت ذلك المحتاج فكرت بسرعة عن كيفية مساعدتي له فأخرجت جوالي مرة أخرى أبحث فيه عن رقم لعلي أوفق في إيجاد رقم رجل يفك أزمة هذا المحتاج فبحثت وبحثت وبعد بحث مضني وجدت رقم مميز لأحد التجار كان يسكن في جوالي وكان أيضا ذلك التاجر يسكن في حارتنا،لكني ترددت هنا بعض الشيء خوفا من أن لا يساعد ذلك التاجر هذا المحتاج،فقلت في نفسي:لا مانع من المحاولة يا سعود أعطه رقم التاجر وتكون قد أديت واجب المساعدة ولو على استحياء،سلمت ذلك المحتاج ذلك الرقم وقبل مغادرته جعلت يدي في جيبي ففكرت في اخراج ما في محفظتي من مال متواضع أساعد به ذلك المحتاج فأعطيته على مضض ماتجود به النفس وقبل اعطائي له ترددت!!لأني فكرت كيف له أن يحس بقيمة امساك المال وهو فاقد لأصابع اليد وتذكرت أولئك الأغنياء ورجال الأعمال وأولئك التجار فهم يملكون أصابع أيادي وليست يد،يتحسسون من خلالها تلك الأموال التي غصت..بل وشرقت بها حسابات البنوك فلو تكلمت تلك الحسابات وتلك البنوك لقالت لهم:كفى..كفى..أولا تعلمون شيئا غير لغة الإيداع والتحويل إلى وإلى الحساب فهم كذلك ونقيضهم قلة إلا من رحم الله وقليلا ما هم،هنا استئذنني ذلك الرجل المحتاج على أمل لقاء آخر يجمعني به استجلب من خلاله مساعدة تروي ظمأ الحرمان والعوز.......سعود المحمود

سعادة رئيس التحرير وتعاسة رئيس التحفير

في خاطري تجول كثير من تلك الأمواج مابين الراكدة والجارفة...وقفت كثيرا وتأملت كلمة-القلم والكتابة-في نظري جلست أتأمل كثيرا تلك الملامح لهذه الكلمة..لم تكن ملامح عادية كانت تحمل معاني عديدة ربما أردت أن تكون في قلمي نقاط التقاط لها..وربما من خلال ماهية الكتابات أيضا...وربما أيضا أردت لها أن تكون صورة تحمل تلك العواصف والعواطف معا في الحس الكتابي دوما ما أفكر في كيفية كيف يكون ذلك الشخص كاتبا يحمل ذلك الحس والشعور والحضور...فأصور في نفسي خيال ذلك الكاتب الواسع فيخرج فيضرب على كتفي تلك الضربة الخفيفة في شكلها القوية في مضمونها.. فيقول هونك عليك يا فلان فلست مؤهلا بعد كي تملك احساس جميل بمثل جمالية رئيس التحرير..فيخرج لي قلمي فيقول إن لم أكن مثله سوف اتعلم كيف أصل مثله..سأتعلم كيف يرسم الخيال..ويفجر الأنهار..ويقفز من فوق التلال..ويتلاعب بقمم الجبال..ويتوارى خلف الظلال..من خلال قلمه الجميل..فأنت تكتب بشعور العليل..الذي لا يرضى بالقليل..وقفت عند قلمك فوجدته يعبر عما يختبىء في شقائق ذهني وينزوي في خلجات فكري...ذلك الكاتب الذي يحاكي من خلال قلمه هموم الفرد والوطن..ذلك القلم الذي كان يحلم أن يجد تلك الورقة البيضاء الجميلة والفخمة كي يكتب من خلالها..فأصابه الاكتئاب واليأس فبينما هو يسير في ذلك الشارع وجد ذلك الحائط المتسخ بكل ألوان الغبار والأتربة لكن ذلك الكاتب وجد فجأة علبة دهان!!كان لونها أبيضاً فوجد فيها الأمل فذهب فرمى تلك العلبة بذلك الجدار فأضحى ذلك الجدار المتسخ بألوان الغبار فصار جدار ذا بياض جبار..هنا وجد ذلك الكاتب الفرصة كي يكتب ما يشاء على ذلك الجدار فسوف يستخدم كل ألوان الطيف وأيضا ألوان قوس قزح الذي لأجله مسح وفي أحيان نزح..من وقائع الهموم..وأحداث الدروب..وقسوة الخطوب..لكنه سيسير إلى حيث ينشد في نفسه لقاء تلك النقطة!!لكن أي نقطة؟إنها تلك التي تعني عالم اللامغلق واللا محدود حيث أنها سئمت عيشا في وسط القيود..وموتا حيا في أعماق الأخدود..وقتل لحياة الورود..سيبقى يحلم بتلك النقطة ولما لا يحلم فالحلم هو غنى وثروة الفقراء الذي لن يقدر على مصادرته..وسرقته أولئك الاثرياء..هنا رن جرس المنبه ونطق ذلك الصوت الخفي!!قم يا صغيري..قم يا ولدي فقد حان موعد المدرسة وموعد الامتحان الذي فيه يكرم المرأ أو يهان!! هنا رد ذلك الولد الصغير قائلا:أماه كيف أكون صغير وأنا الآن كبير؟ وأي مدرسة تعنين وأي اختبار تقصدين؟ رد ذلك الصوت الخفي:ولدي أنت سبتقى ذلك الولد الصغير على هيئة الرجل الكبير مهما كبرت وتصورت..وتلك المدرسة هي مدرسة الحياة..وذلك الامتحان هو ذلك الهم الرنان..فإرمي كل شيء خلفك وانظر لتلك الشمس وقت السطوع لا وقت الغروب..واغمض عينيك واطلق لخيالاتك العنان بكل زيادة ودون أي نقصان..فسوف ترى ذلك الشاطئ الجميل كي ترتمي عليه هاربا من تلك الأوهام بعدم القدرة على ايصال صوت الإنسان الذي يسكن في نفسك..هنا نفذ الحبر فجأة ولم يتمكن الكاتب من اكمال الكتابة فقرر مواصلتها في خيالات الحقيقة فالخيال جزء من الحقيقة في كثير الأحيان.....كانت خواطر وعبرات وفي أحيان كثيرة زفرات تمخضت عن تلك العثرات فأحبت لنفسها أن تحاك خيوط قصتها من خلال نبض القلم الذي يعبر عن الألم ومن خلال صرخة بركان في عالم الصمت والنسيان،فأنت سعادة رئيس التحرير وأنا تعاسة رئيس التحفير..........سعود المحمود

حماه وبشار الأسد...كبرياء العزة أم شموخ الذلة

قال لهم:هيهات هيهات لما تهددون...هيهات هيهات لما تقولون...هيهات هيهات لما تصفون...فأنا بشار حامي الديار...ومرعب القفار...فقالوا له:إنا وجدنا آبائنا كذلك يفعلون وإنا على آثارهم مهتدون...صامدون...بل ومقتدون..فرد عليهم بشار:أنا بشار نظامي البعث..ورجالي الأشاوس..وحكمي الداحس لا تأكلهم النار...فأرسل لهم ذلك الشيخ وذلك المسؤول ليقولوا لهم:تعالوا وقفوا على طاولة الحوار...فالثورة جريمة ويجب عليكم الإستغفار...فردوا عليهم:اقضي ما أنت قاضي يا بشار إنما تقضي هذه الحياة الدنيا.كان ذلك الحوار بين-حماه-تلك المدينة وبين بشار قائد السفينة...كان حوار يستحق الوقوف عليه كي يتم وضع النقاط على تلك الحروف التي محى التاريخ عنها معاني الكلمات لكثير من الأحداث.جاءت ثورة أهالي حماه وتسجيلهم الحضور الأبرز لساحة الأحداث في سوريا كي يعطي ذلك الصوت القوي لبشار ونظامه أننا لم نموت يا بشار بعد أحداث تلك المجزرة التي فعلها والدك بنا في عام1982فكان ما كان من القتل والتنكيل،قد نكون وقتها في نظرك تحولنا إلى ملائكة هادئين..وديعين..لكن الآن هل تدري إلى ماذا تحول أهالي تلك المدينة يا بشار؟ لقد تحولوا إلى شياطين!!نعم إلى شياطين لكنهم شياطين أقوياء فهنا يجب أن يكونوا شياطين يثورون تارة...وينفجرون تارة..فصفة الشيطانية هنا صفة كمال لهم لا صفة نقص..فهم سرقوا عباءة عمك رفعت الأسد ذلك الشيطان البشري دون أن يدري فربما سقطت منه تلك العباءة في أحد ساحات تلك المدينة فوجدها أهالي مدينة حماه وقرروا الإحتفاظ بها لأن فيها الدواء الناجع لتلك اللحظة الحاسمة التي رأوا أن تظهر من خلال تلك العباءة كل معاني الإصرار على إنتزاع الحرية وقذف تلك العبودية والتبعية فقرروا أن يقذفوها..وأيضا أن ينسفوها لكنهم فكروا في ذلك المكان فلم يجدوا أفضل من نهر العاصي ذلك النهر الذي صوروه أنه ذلك النهر الذي سيتفجر عصيانا وتمردا عليك،فهم ما زالوا يحتفظون في سجلات العقل..تلك القذائف التي تسقط على بيوتهم...وأولئك الشيوخ الذي قتلوا..وأولئك الشباب الذين في السجون غيبوا...فما كانت وماتزال وستبقى صور الدمار ماثلة أمامهم ستكون لهم الوقود الحقيقي لمواجهة الطغيان فهم الآن ذوي كبرياء العزة وأنت صاحب شموخ الذلة الذي لم يتبقى له من سالف الجبروت شيء يذكر..هم أصحاب قضية لكنها قضية في وسطها تلك الشظية التي ستتفجر تلبية لنداء الوطن الذي لم يعد يبالي بقتل أو هتك أو اراقة دماء فهم مشتاقون لحمام الدماء فلسان حالهم يقول شعبنا هم المنصورون وشبيحتكم هم المخذولون..وحتى الشاعر والأديب والكاتب لم يمت فهو سيبقى يكتب بقلمه ويرسم ويسطر هذه الملاحم التي يراها..فتارة سيجعلها في شكل قصة..وتارة سيجعلها في شكل مقالة..وتارة سيجعلها في شكل خاطرة وسيلونها بلون الدماء كي تبقى خالدة مافني البقاء..وسيبقى ذلك الشاعر والأديب والكاتب يصور تلك الصورة كي تصل للناس وتخبرهم:أن بشار هو ذلك الرجل الذي سوف تأكله النار فتهوي بها في رماد الدمار كي يُسطر اسمه في صفحات العار والشنار......سعود المحمود

الثلاثاء، 12 يوليو 2011

خطوات على قارعة الطريق

اغمضت عيناي للحظات وجلست أستذكر يومي الأول في المدرسة كان يبلغ السادسة من عمره ونيفا من الأشهر...كان اليوم الدراسي الأول له في مرحلة الدخول لعالم الدراسة،أوووه شنطة جديدة وحذاء يلمع..وثوب أبيض..وتلك الكراسة البيضاء..وذاك القلم...والأثمن والأثمن هو ذلك المبلغ الكبير بالنسبة لذلك الطفل وكان مقداره آنذاك-ريالان-فقط لكنه كان بالنسبة لذلك الطفل مبلغ كبير ربما هو كذلك على حجم أحلامه وتطلعاته.سعووودي سعووودي..يالله يالله تعال أبوي يقول تأخرنا عن المدرسة،كانت تلك هي كلمات النداء التي نادى بها الإخوة أخاهم سعود كي لا يتأخروا عن مدرستهم وكذلك كي لا يتأخر سعووودي كما كان يحلو لهم تسميته بذلك عن مدرسته،فقد كان يومه الأول في الدخول للدراسة.عــن عــن عــن عــن هو صوت السيارة في ذلك الوقت كنت أسمعه وكان أبي يحمي وقتها السيارة قبل انطلاق رحلة ايصال الطلاب الإخوة كلا إلى مدرسته،سريعا ذهبنا لمدرسة الاولاد ووضعنا اخوتي هناك...ومدرسة البنات ووضعنا اخواتي هنالك...وبعد ذلك عدنا للبيت!!هنا استغربت طلب مني أبي النزول!ولكننا توقفنا عند البيت وليس عند المدرسة،نزلت من السيارة فإلتفت حول يدي تلك اليد الحانية الدافئة بكل ما تعنيه الكلمة من معاني جميلة وخلابة،تأسرك بحنانها،تقف حائرا وعاجزا في حالة خنوع وخضوع كي تصف وتكتب فقط عن تلك اليد وما يندرج تحتها من معاني وأحاسيس رائعة.أمسكت بيد أبي وجلس يسير بي مشيا على الأقدام متجهين إلى المدرسة،أخفضت رأسي نحو الأرض وجعلت ناظري شاخصا على خطوات أقدام أبي خطوة خطوة ولم أحمل هم أو حتى خوف أن اصطدم بجدار أو ما شابه أو حتى أتعثر وأنا لم أجعل ناظري إلى الأمام؟هل تعلم أيها القارئ لماذا؟الجواب لأن تلك اليد الحانية تولت مهمة النظر عنك فهي احتوتك بكل معاني الكملة فلا تقلق طالما أنها ممسكة بيدك فلا تخشى العثرات أو السقطات،هنا فتحت عيناي من جديد بعد مضي السنوات وغياب صاحب تلك اليد الجميلة،مررت كما هي عادتي في غدوتي وروحتي وسائر مشاوير الحياة اليومية،مررت على ذلك الشارع  وخيلت لنفسي أن أعيش نفس المنظر الجميل الذي عشته في الصغر فإذا بي أسير وأخفض رأسي إلى الأرض متجها نحو  مدرستي فجلست أنظر إلى الأرض وكانت المفاجأة!!أن تلك الخطوات ظهرت لي،خطوات أقدام ذلك الأب الجميل الحنون لكنها ظهرت لي في مخيلتي فليس كان يراها أي أحد سواي فهي خطوات في الذاكرة لن تغيب فلم تغيبها تلك الأتربة أو تلك الأمطار التي تعاقبت على مر السنين فكأني أحسست برغبة في الإستئذان من ذلك الشارع فأقول له يا أيها الشارع هل تسمح لي بتقبيلك لأن تلك القدمين قد مشت في يوم ما عليك ...جلست أمشي وأمشي وأمشي دون أن أنظر أمامي لأن تلك اليد ما زلت أحس بدفئها يرافقني حيثما حللت وارتحلت فهي بلاشك ستأتي من الخلف كي تحميني من السقوط..فتلك اليد وتلك الروح وتلك النفس سكنت في جنباتي..زواياي..وأيضا دواخلي قـلمي-وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا-رحم الله آبائنا وغفر الله لهم وجزاهم عنا خير الجزاء وجمعنا بهم في خير مستقر....رسالة من القلب أبعثها لك أخي/أختي الكريم إن كان والداك أحدهما أو كلاهما قد من الله عليه بسعة وفسحة من العمر باقية فإلزم قدميه فثم الجنة وإلزم وأحسن جواره فليس ذا في الدنيا من لحظة تساوي لحظة وفاء وبر لمن هم أحق الناس بأن يحسن لهم وقل بلسانك مع حضور قلبك ودموع عينيك تنهال اعترافا بالتقصير وأملا بحسن التعويض بأن يوفقك الله لنيل رحمته وعفوه بأدائك لحقهما مع الاعتراف بأن حقهم أصعب من أن يدرك ولكن مالا يدركه كله يدرك بعضه،وسيبقى الرجل طفلا في نظر أمه وأبيه فإن ماتا أصبح ذلك الرجل عجوزا بعدهما.......سعود المحمود

السبت، 2 يوليو 2011

منديل ليس كأي منديل

ذات يوم بينما كنت أهم بارتداء ملابسي،ذهبت لخزانتي التي أضع فيها العطور فكنت سأخذ أحد العطور كي أتعطر منه،هنا سقطت عيناي على ذلك المنديل،كان معفر بالغبار انه ذلك المنديل الذي كان مع أختي في وقت وفاة زوجها رحمه الله منذ وقت مضى فأخذت ذلك المنديل فنفضت عنه ذلك الغبار الذي كان عليه،جلست أتأمله كأنه به يحكي قصة وفاء جميلة من خلال تلك الدموع التي سكنت في ثناياه والتي ذرفتها أختي حزنا على فقد زوجها فلو قدر لذلك المنديل أن يتكلم فلربما أراد أن يحكي لحظات تلك المشاعر التي اختزلتها تلك الزوجة الوفية في ذلك المنديل وتلك المحطات التي تصف جمالية المحبة الزوجية بين الطرفين..فجأة!!نادتني أختي هيا هيا لقد تأخرنا عن الضيوف،هنا وضعت ذلك المنديل في تلك العلبة الصغيرة وقبل أن أقفلها كأني بي أشاهد تلك الصور والمشاهد منذ بداية تلك الحياة الجميلة والمحبة الصافية بين طرفين وحتى نهايتها فأغلقت تلك العلبة فتلك اللحظات لن تعود فكما أن الله وهبنا الذكرى فقد وهبنا النسيان ومن صبر واحتسب فله العوض من الله وهو سبحانه فيه العوض عن كل مفقود وموجود

سعود المحمود