السبت، 23 يوليو 2011

هل هو ضيف موجود؟...أم غائب مفقود؟

ذات يوم شعرت مليا برغبة في التعرف عليه...كان يدهشني جدا لدرجة الفضول أحيانا..والشوق أحيانا أخرى..فلم أكن أعرف طريقة للتعرف عليه..كانت شخصيته تتصور وتتشكل في صور عديدة لا حصر لها..فمرة يكون ذلك الشيق في مضمونه..وتارة يكون ذلك الواسع في مكنونه..ومرة يكون ذلك المبحر في شخصه..وتارة يكون ذلك الجميل في طرحه...فكرت مليا في البداية بطريقة للتواصل معه..بحثت عن رقم جواله بالإسم فحاولت البحث في دليل الهاتف لكن للأسف أسماء متشابهة تلك التي ظهرت لي في أحد معلومات البحث..هنا قلت في نفسي:لا مناص ولا وسيلة إلا بالإتصال بأحد الأرقام التي بحوزتي
في اليوم التالي وعلى عجل،اوقفت كل ما يشغلني في ذلك الوقت،ذهبت مباشرة إلى مجلس بيتنا،أقفلت الباب بإحكام وحرصت على أنه ليس هناك أي شخص سيسمع صوتي من الأهل أو الجيران،ألقيت نظرة سريعة من شرفة النافذة على محيط البيت والشارع،حمداً لله الوضع كان هادئا في داخل وخارج البيت،حسنا هنا أخرجت جوالي،اممم كانت يدي ترتجف بعض الشيء وكنت قلقا لعدم معرفتي كيف سيكون عليه أمر تلك المكالمة..فهو لا يعرفني ولا أعرفه،تشجعت واستجمعت قواي الذهنية وضغطت رقم الإتصال...لكنه لم يجب علي!! عاودت الاتصال مرة أخرى فأجاب علي برسالة نصية فحواها:أنا مشغول سأتصل بك لاحقا يا-سعود-!! هنا توقف قلبي للحظات..وبالكاد كنت ألفظ أنفاسي..فلم تقع عيني إلا على كلمة-سعود-التي هي تمثل اسمي!!كيف لذلك الشخص أن يعرفني وأنا متأكد تمام التأكد أنه لم يسبق له أن عرفني إضافة لأني لم ألتقيه من قبل ولم يحصل بيننا سابق معرفة...وسط تلك الأفكار والهواجس التي كانت تقذف بي جانبا وفي ثورة الخوف والقلق الذي اعتراني..رن جرس هاتفي الجوال في تلك اللحظة،أووووه إنه هو..كيف سأرد عليه وهو يعرفني...من هو ذلك الشخص الذي حتى لم أعرف اسمه...أخذت جوالي وأجبته قالي لي:مرحبا أستاذ سعود..كيف حالك! فأجبت قلت له كيف تعرف اسمي ونحن لم نلتقي من قبل! قال لي:لا،كيف لم نلتقي من قبل فنحن التقينا وفي بيتك بالتحديد،وفي غرفتك أيضا!!هنا شل لساني تماما عن الكلام،فلم أستطع تحريك أي شيء فيني،فأخذ يقول أليس بيتكم في الحي الفلاني وأخذ يصف وصف دقيقا شكل منزلنا ومجلس بيتنا ولون الأثاث وتلك المكتبة وهذه المزهرية،بل وغرفتي أيضا!!هنا توقف عن الحديث وأخذ يتكلم في جانب آخر فقال لي:أنا أعرف أنك اتصلت بي وبحثت عني لغرض اللقاء،حسنا يا سعود إن أردت بإمكانك لقائي وحدد لي مكان اللقاء وكان ذلك في معرض الكتاب الدولي الذي عقد في مدينة الرياض في شهر مارس الماضي،قلت له حسنا أي موعد يناسبك،فقال لي:لعله يكون في المساء فهو مناسب وان شئت يا سعود في الصباح فلا مشكلة..قلت له:حسنا،وقت المساء موعد مناسب جدا لي

في المساء ذهبت لمعرض الكتاب الدولي،جلست داخل السيارة،كانت الأعصاب على أشدها من جراء ما مررت به مع ذلك الشخص المجهول الذي يعرفني وأنا لا أعرفه!! جاء وقت اللقاء،اتصلت به لكنه لم يجب،ذهبت عند نفس المكان الذي حدده لي داخل معرض الكتاب الدولي واتصلت كذلك عليه لكنه لم يجب،هنا بدأت في الشك بشكل كبير،من يكون ذلك الشخص ولماذا حدد لي الزمان والمكان للقاء ولم يحضر ولم يجب على هاتفه!! أمر مريب دعاني للتفكير مليا،هنا ركبت سيارتي تاركا ذلك المكان وعدت أدراجي نحو البيت

في الطريق وعند الإشارة وأنا مستغرق في التفكير...رن جرس هاتفي،إنها رسالة نصية فتحت الرسالة فإذا هو ذلك الشخص الذي أرسلها لي كان نصها:أعتذر جدا يا سعود لم أقدر على لقائك نظرا لإنشغالي مع أشخاص كنت معهم وعدم تمكني حتى على الرد على جوالي! أكرر اعتذاري منك،وأراك غدا الساعة الفلانية في بيتكم....تحياتي لك.هنا أحسست برغبة في الصراخ بسبب ما حدث لي!! لا أصدق من هو ذلك الشخص الذي كنت مهتم بالتعرف عليه والآن أصبح كالشبح يلاحقني ويعرف حتى منزلي ومجلسي بل وغرفتي

في اليوم التالي وهو يوم زيارته لي،ذهبت وأعددت ابريق الشاهي ودلة القهوة،ورتبت تلك الفناجيل وتلك الأكواب ووضعتها في الصينية وحملتها متجها نحو المجلس حاملا معها كثير من الأفكار عمن يكون ذلك الشخص المجهول الهوية!! وضعت الصينية على الطاولة ورفعت الستارة عن الشباك وجلست انظر للخارج..كان الجو ملبدا بالسحاب وعلى وشك أن تمطر...نظرت إلى الساعة إنها السابعة مساءا موعد لقائنا المرتقب..أصبحت الآن الساعة السابعة والنصف،لقد تأخر عن الحضور،ربما حبسه المطر وزحمة الطريق عن الوصول؟ قد يكون كذلك،هنا وقع ناظري على ذلك الكتاب الذي يقبع في مكتبة المجلس لدينا،كان عنوانه يشدني دوما دون أن ألقي له بالا أو حتى محاولة لقراءته،فأخذته رغبة مني في قصقصة الوقت فأقرأه ريثما يتصل ذلك الشخص فيعلمني عن سبب تأخره عن موعدنا أو حتى يعتذر بعذر مقنع،أوووه كيف لي أن أقرأ في مثل هذا الوقت والحدث الغريب الذي أمر به،ألقيت الكتاب جانبا وغلبني النعاس....فجأة!! رن جوالي..إنه هو يتصل بي..ترددت في الرد..لكني رددت عليه..فقلت له:أين أنت؟ لماذا تأخرت؟ هنا سمعت صدى صوتي يتكرر من أثير الجوال..صعقت...جن جنوني..ما الذي يحدث...فجأة!! أجابني:كيف حالك يا سعود،أعتذر لعدم مجيئي لإنشغالي أيضا...ربما سمعت صدى صوتك الآن وأنت تكلمني..وربما أنك مشدوه لما حصل...حسنا لا مشكلة يا سعود ربما تريد أن تعرف من أكون ومن أنا،حسنا سأخبرك من أكون لكني في البداية لم أخلف موعدي في المرة الأولى والآن في المرة الثانية.أنا اسمي-الكتاب-عندما جئت لمعرض الكتاب الدولي كنت مشغولا بين أيدي القراء فلم يكن هناك مجال للقاء...والآن كنت بين يدك وجئت على الموعد الذي أنت رغبته وحددته..لكنك للأسف لم تقدر قدري فرميت بي جانبا...ليس لي اسم معين...وليس لي شكل معين..فأنا على حسب المؤلف يكون اسمي..وعلى حسب موضوع الكتاب يكون رسمي...لكنك لم تقدر جليسك الذي قيل عنه قديما:وخير جليس في الزمان كتـــــاب..فأنا أكون الضيف الموجود والغائب المفقود حسب رؤية القراء لي...هنا ضحكت على نفسي لأني لم أكن أدرك حقيقة معنى ما قاله لي ذلك الكتاب عن نفسه إلا بعد أن عزمت على القراءة وصحبة الكتاب......سعود المحمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق