الاثنين، 18 يوليو 2011

كم أنت جميل يا أيها الصديق...وكم أنت قبيح يا أيها الإنسان

كنت عائدا للبيت،وعندما هممت بالدخول وجدته يجلس ورائي كما هي عادته يتصور بصور شتى.جئت كي أدخل لغرفتي،مازال يركض ورائي فكان هنا على هيئة الظل الملازم لي وما إن دخلت وأشعلت النور حتى اختفى،لكنه تلون وتحول إلى صوت داخلي يناديني كما هي العادة!إنه القلم!!طلب مني أن أكتب؟فلم أتمالك نفسي ولم أستطع رفض تلك الدعوة التي يسيل لها لعابي،فقلت له هون عليك وامنحني الوقت كي أسترخي بفكري وعقلي ولك ذلك العهد أيها القلم أن أكتب.هنا بادرته بالسؤال ما هو الشيء الذي تريدني أن أكتب عنه؟قال لي:ليس هذا سؤال توجهه لي فأنا أداة لا أعرف لغتكم يا سائر البشر ولكني أكتب بإملاء منكم..وبأمر منكم..فوجه هذا السؤال لنفسك،عن ماذا تريد أن أكتب؟ قلت له:اهدأ يا قلمي العزيز فلو غضبت أعلم أنك ستنفجر فيتطاير حبرك،وهنا سأواجه مشكلة أخرى في كيفية جمع حبرك فلن أجد حبرا أستخدمه للكتابة.هنا انتهى ذلك الحوار الساخن بين ذلك الكاتب وذلك القلم عن دور كلا منهما لكن لا تقلقوا فهم دوما على شجار دائم ولكنهم في النهاية يلتقون على ذلك الورق

قبل شروعي في اختيار موضوع هذه الأطروحة ذهبت ففتحت تلك الخزانة،كانت تحوي عدد من الأكياس فأخذت أحد تلك الأكياس فوضعت فيها جميع الحروف...الكلمات...العبارات...الصفات..الجميلة والإيجابية التي لا أدعيها فهي شرف لا..ولن أدعيه،فأخذت كلما سبق ذكره ووضعته في ذلك الكيس وأغلقته بإحكام وألقيت بها خارجا..لا أدري أين...لا يهم...فالأهم هنا هو التجرد من أي صفة حسنة في وقت حضور الكتابة ورسم الكلمة كي لا يتم تصوير المشهد من جانب إضفاء المدح والإطراء في شخص الكاتب

إلتقيت به في أحد الأسفار حيث كنت متوجها لأداء العمرة وكان ذلك قبل نحو سبعة أعوام،وكم هي فرصة مواتية لتتعرف على الشخص عن كثب في السفر،حيث يظهر المعدن،ويتجلى المنظر،وتتضح المعالم،وتبرز المكارم،ليس بالضرورة مكارم الجود والمال فهي جزء منها،وإنما نقصد هنا مكارم الأخلاق والتربية.بعد عودتنا قام بإيصالي إلى المنزل،كانت مجرد تلك اللفتة تعني الكثير في مسمى الصداقة وما تندرج تحت تلك الكلمات من مسميات ومعاني.في الطريق إلى البيت تجاذبنا الحديث الشخصي والتواصل المعرفي فيما بيننا،هناك مقولة لكن لا ندري إلى من ننسبها هل إلى الحكماء أم إلى الخبراء..أي يكن فهي جميعها مداد لمقولات صادقة،فهناك من إذا عايشته في موقف معين تعرف حقيقة ذلك الصاحب وإن كنت لم تعرفه من قبل إلا وقتا من الدهر،ومنهم من كنت تعرفه كل الدهر ولكن لم يظهر لك تعريف الصداقة الحقيقية في أحد المواقف.مضت السنوات فيما بيننا وكان التواصل على استحياء من قبلي،هنا يجب أن يكون هنالك اعتراف صارخ من أحد الطرفين بالتقصير وأنا هنا أتقمص دور ذلك الشخص المعترف بالتقصير وقد يكون الإنسان بطبيعته البشرية يفتقد للمبادرة في السؤال في كثير الأحيان فقد كان يتواصل معي على فترات أدركت فيما بعد أنه يوصل لي رسالة مفادها كيف حالك يا صديقي فأنا محتاج ليد صديق في وسط الإنقطاع التواصلي بين الأصدقاء.جمعتني بذلك الصديق مجددا وقبل فترة يسيرة رحلة أخرى فكانت هناك مواقف مررنا بها،كنت أنظر لعينا ذلك الصديق وكما هو معلوم أن العين هي نافذة الروح فتخبرك عما في نفس الإنسان من أفراح وأتراح،تخللت تلك السفرة بعض المواقف السلبية من المرافقين والتي تكشف شخصياتنا في وقت السفر،فكان يعبر عنها بلغة الصمت التي تعني الكتمان مع قليل من الكلام الذي لا يكاد يذكر فكانت تنعكس عليه من خلال زاوية العين،واجهته بها فيما بعد فكان يقابلني بتلك الإبتسامة أن لا شيء يذكر وأن الأمر هين.كان ذلك الصديق يحب الخيل ويتمنى ركوبها كنت أفسر في نفسي سبب حبه للخيل بتلك الرغبة أن يمتطي تلك الخيول الجامحة في سرعتها فيهرب من واقع الحياة المؤلم،وفي نفس الوقت كان يحب التصوير وكنت أفسر ذلك أنه يرغب في إلتقاط تلك الصورة الجميلة لموقف معين...ربما...كان ذلك الصديق وما يزال مثالا على من تحمل المسؤولية الأسرية وترك أحلامه جانبا لربما لبعض الوقت وربما إلى الأبد..فعمل بمجال بعيد عن تخصصه الدراسي الذي حلم به..ففي كثير من الأحيان تأخذنا الظروف إلى حيث لا نرغب فنجد أنفسنا أن تلك الظروف صادرت رغباتنا لأسباب عائلية أو لعدم وجود التشجيع للإستمرارية فيما نحبه أو لإنصدامنا في المجتمع..لكن تبقى الإرادة هي الفيصل الذي يحكم رغباتنا

كم أنت قبيح أيها الإنسان في بعض لا لا ولم لا بل في كثير من الأحيان...فأنت لم ترسم ذلك العنوان..ليست الصداقة أن تكون كريما في العطاء..أو سخيا في اللقاء..لكن كم هو جميل أن تعايش هم ذلك الصديق كمجرد المعايشة أنك تشعره أن ذلك الهم الذي يعتريك يا صديقي هو همي لا ينقص عنه مقدار أنملة حتى لو لم تصف له ذلك الدواء كي يعالج مشكلته...أو تعطيه ذلك الحذاء كي يسير على محنته..فكونك أعطيته ذلك الإحساس أنك تعيش نفس المشهد معه لحظة بلحظة فهذا سيبقى له جميل الأثر في نفسه..كن بسيطا في تعاملك مع أصحابك بعيدا عن التكلف والتزمت..كن مبادرا...معايشا لمشاعرهم وأحاسيسهم...ولو بالشعور بمشاكلهم....قد تعبر هذه المقالة عن شيئ في نفسك أيها المتلقي..فلا تبخل بها على صديقك بالتعبير له..اعترافا من تلك النفس السامية النبيلة التي تسكن في جنباتك أنك مقصر في حق أصحابك مهما بلغت فلنجدد عهد الوفاء لأولئك الأصدقاء الذين يستحقون وصف الأصدقاء...وكم أنت جميل يا أيها الصديق وكم أنت قبيح يا أيها الكاتب.....سعود المحمود

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق