ذات يوم سلم المرشد الطلابي لطالب الثانوية ورقة تحديد التخصص الدراسي،أخذ الطالب يتأمل تلك الورقة،هو كان متيماً بالقسم الأدبي لكن أباه أراد أن يراه لابساً ثياب القسم العلمي،في الليل جلس الولد الصغير بقلبه الأدبي المرهف ينتظر والده ليخبره بشأن ورقة اختيار التخصص لكنه تأخر فوضعها على مكتبه وذهب لينام،في الصباح استفاق الولد على مغازلة أشعة شمس داعبت عينيه،وجد الورقة تحت باب غرفته فكانت المفاجأة أن أباه اختار له التخصص في القسم الأدبي،طار الولد فرحاً وتراقصت أساريره،لكن مهلاً فقد لاحظ الولد شطباً كان موجود في تلك الورقة!عرف الولد أن أباه اختار له التخصص العلمي ثم عدل عن خياره فمحاه وأعاد اختيار التخصص الأدبي،سقطت دمعة بريئة من عين الولد الصغير على مربع خيار التخصص الأدبي ليعيد اختيار التخصص العلمي الذي أحبه الأب لإبنه،تخرج الولد من المرحلة الثانوية وكان والده يظن في ذلك الوقت أنه كان يدرس في القسم الأدبي،فعلم لاحقاً ما كان يخفيه ولده عنه،ذهب الأب لمصارحة ابنه قائلاً له:لماذا أخفيت عني حقيقة الأمر فلقد كنت أظن أنك تدرس في القسم العلمي! لم أفكر لحظةً أن أزور مدرستك لأني كنت مطمئناً أنك ستكون مجتهداً مرتاحاً في التخصص الذي لطالما أحببته!،كانت تلك نبضات ذلك الحوار الحميمي العاتب بين الأب وابنه،في تلك اللحظة طلب الأب تفسيراً من ابنه لكذبه عليه طيلة تلك الفترة،هنا تكلم الولد قائلا:أبي أنا لم أكذب عليك بل ضحيت لأجلك! فدهش الأب من ذلك! فأخرج الولد صورة من ورقة التخصص الدراسي والتي قدمها سابقاً لوالده عندما أراد استشارته في تخصصه الدراسي فقال له:أبي أنت كنت تحب أن أدرس في القسم العلمي أليس كذلك؟ فأجاب الأب بنعم لكن يا بني أنا قمت باختيار القسم الأدبي لك في ورقة الإختيار فأشار الولد لأبيه على الشطب الموجود في تلك الورقة وعندما أمعن الأب في ذلك الشطب والذي عدله واختار في مقابله القسم الأدبي لإبنه،في تلك اللحظة لمع بريق دموع في عيون الأب فسكت حينها وسأل ابنه لماذا فعلت ذلك الشيء يا بني؟ أولست تحب الأدب والقسم الأدبي؟ فرد الإبن قائلاً: نعم يا أبي أنا أحبه لكني أحبك أكثر يا أبي..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق